الريان
05-14-2010, 12:11 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي : لاشك أن في هذا العصر كثروا الشعراء والشعر ، فنجد من استغله بأمور محرمه وهذا الذي نراه خااااصة في هذا الزمن ، وقد دب في نفوس من يتشعرون في القاء الشعر يسعون في تحصيل الأموال وجمعها حتى لو كان على حساب الضمير أو على حساب كلماتها المحرمه وغير ذلك من المبالغه التي قد تصل إلى غير استحقاقها للعبد الفقير .. الكلام يطول ولكن هيا بنا لنعرف ماهية الشعر ؟ وما حكم تعلمه ؟ وما هي وسائله ؟ وما هو محرم وغير محرم ؟ . فأقول مستعينا بالله تعالى :
يقول الله تبارك وتعالى (والشُّعراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ . ألَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ . وأَنَّهُمْ يَقولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ) .
اخْتَلَفَ (http://اخْتَلَفَ/) الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ تَعَلُّمِ الشِّعْرِ وَإِنْشَائِهِ وَإِنْشَادِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ التَّالِي :
انْشَاءُ الشِّعْرِ وَإِنْشَادُهُ وَاسْتِمَاعُهُ :
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : لَيْسَ فِي إِبَاحَةِ الشِّعْرِ خِلافٌ ، وَقَدْ قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَالاسْتِشْهَادِ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ ، وَتَعَرُّفِ مَعَانِي كَلامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى النَّسَبِ وَالتَّارِيخِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ ، يُقَالُ : الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ . ( المغني )
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ – في أحكام القرآن - : الشِّعْرُ نَوْعٌ مِنَ الْكَلامِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : حَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلامِ ، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِهِ : يَعْنِي أَنَّ الشِّعْرَ لَيْسَ يُكْرَهُ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لِمُتَضَمَّنَاتِهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ ( صحيح مسلم ) : قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً : الشِّعْرُ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُحْشٌ وَنَحْوُهُ ، وَهُوَ كَلامٌ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، فَقَدْ " سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّعْرَ وَاسْتَنْشَدَهُ ، وَأَمَرَ بِهِ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، وَأَنْشَدَهُ أَصْحَابُهُ بِحَضْرَتِهِ فِي الأَسْفَارِ وَغَيْرِهَا " ، وَأَنْشَدَهُ الْخُلَفَاءُ وَأَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ وَفُضَلاءُ السَّلَفِ ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى إِطْلاقِهِ ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا الْمَذْمُومَ مِنْهُ وَهُوَ الْفُحْشُ وَنَحْوُهُ .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ ( فتح الباري ) : الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلامِ الْعُلَمَاءِ فِي حَدِّ الشِّعْرِ الْجَائِزِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكْثَرْ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَخَلا عَنْ هَجْوٍ وَعَنِ الإِغْرَاقِ فِي الْمَدْحِ وَالْكَذِبِ الْمَحْضِ وَالْغَزَلِ الْحَرَامِ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ جَائِزًا . وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، وَاسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثَ وَبِمَا أُنْشِدَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ اسْتَنْشَدَهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ ، وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ مُجَلَّدًا فِي أَسْمَاءِ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ مِنْ شِعْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ : الشِّعْرُ مِنْهُ حَسَنٌ وَمِنْهُ قَبِيحٌ ، خُذِ الْحَسَنَ وَدَعِ الْقَبِيحَ .
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ " عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَدَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : هِيهِ فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ : هِيهِ ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ : هِيهِ حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ "
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ في تفسيرهِ : وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى حِفْظِ الأَشْعَارِ وَالاعْتِنَاءِ بِهَا إِذَا تَضَمَّنَتِ الْحِكَمَ وَالْمَعَانِيَ الْمُسْتَحْسَنَةَ شَرْعًا وَطَبْعًا . وَإِنَّمَا اسْتَكْثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ لأَنَّهُ كَانَ حَكِيمًا ، " وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ "
وَلَمَّا " أَرَادَ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَدْحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبْيَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ : هَاتِ ، لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ "
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَمْشِي وَهُوَ يَقُولُ : خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مُقِيلِهِ
وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
فَقَالَ عُمَرُ : يَا ابْنَ رَوَاحَةَ ، فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ ، فَلَهِيَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ "
وَرَوَى أُبَيٌّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً " رواه البخاري .
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ حَرَّمَ الشِّعْرَ مُطْلَقًا أَوْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِ .
قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ : فَقَدْ يَكُونُ فَرْضًا كَمَا نَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الشِّهَابِ الْخَفَاجِيِّ قَالَ : مَعْرِفَةُ شِعْرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُخَضْرَمِينَ ( وَهُمْ مَنْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلامَ ) وَالإِسْلامِيِّينَ رِوَايَةً وَدِرَايَةً فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ فُقَهَاءِ الإِسْلامِ ؛ لأَنَّ بِهِ تَثْبُتُ قَوَاعِدُ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي بِهَا يُعْلَمُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى مَعْرِفَتِهِمَا الأَحْكَامُ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا الْحَلالُ مِنَ الْحَرَامِ ، وَكَلامُهُمْ وَإِنْ جَازَ فِيهِ الْخَطَأُ فِي الْمَعَانِي فَلا يَجُوزُ فِيهِ الْخَطَأُ فِي الأَلْفَاظِ وَتَرْكِيبِ الْمَبَانِي . ( رد المحتار ) .
وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا ، وَذَلِكَ إِذَا تَضَمَّنَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَمْدَهُ أَوِ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ ، أَوْ ذِكْرَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ الصَّلاةَ عَلَيْهِ أَوْ مَدْحَهُ أَوِ الذَّبَّ عَنْهُ ، أَوْ ذِكْرَ أَصْحَابِهِ أَوْ مَدْحَهُمْ ، أَوْ ذِكْرَ الْمُتَّقِينَ وَصِفَاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ ، أَوْ كَانَ فِي الْوَعْظِ وَالْحِكَمِ أَوِ التَّحْذِيرِ مِنَ الْمَعَاصِي أَوِ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَاتِ وَمَكَارِمِ الأَخْلاقِ . ( القرطبي ، فتح الباري وغيرهما )
وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ حَرَامًا إِذَا كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا لا يَحِلُّ كَوَصْفِ الْخَمْرِ الْمُهَيِّجِ لَهَا ، أَوْ هِجَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ، أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَالْكَذِبِ فِي الشِّعْرِ ، بِحَيْثُ لا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ ، أَوِ التَّشْبِيبِ بِمُعَيَّنٍ مِنْ أَمْرَدَ أَوِ امْرَأَةٍ غَيْرِ حَلِيلَةٍ ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُقَالُ عَلَى الْمَلاهِي . ( المغني ، رد المحتار ، نهاية المحتاج وغيرهم )
وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ مَكْرُوهًا . . وَلِلْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ : فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ مِنَ الشِّعْرِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الشَّخْصُ وَجَعَلَهُ صِنَاعَةً لَهُ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِ وَشَغَلَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَمَا كَانَ مِنَ الشِّعْرِ فِي وَصْفِ الْخُدُودِ وَالْقُدُودِ وَالشُّعُورِ ، وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ مَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْفِسْقِ وَالْخَمْرِ . ( رد المحتار )
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : يُكْرَهُ الإِكْثَارُ مِنَ الشِّعْرِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ لِقِلَّةِ سَلامَةِ فَاعِلِهِ مِنَ التَّجَاوُزِ فِي الْكَلامِ لأَنَّ غَالِبَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُبَالَغَاتٍ ، رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ فَقَالَ : لا تُكْثِرَنَّ مِنْهُ فَمِنْ عَيْبِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ }
قَالَ : وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنِ اجْمَعِ الشُّعَرَاءَ قِبَلَكَ ، وَسَلْهُمْ عَنِ الشِّعْرِ ، وَهَلْ بَقِيَ مَعَهُمْ مَعْرِفَةٌ ، وَأَحْضِرْ لَبِيدًا ذَلِكَ ، فَجَمَعَهُمْ فَسَأَلَهُمْ ، فَقَالُوا : إِنَّا لَنَعْرِفُهُ وَنَقُولُهُ ، وَسَأَلَ لَبِيدًا فَقَالَ : مَا قُلْتُ بَيْتَ شِعْرٍ مُنْذُ سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه )
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : مِنَ الْمَذْمُومِ فِي الشِّعْرِ التَّكَلُّمُ مِنَ الْبَاطِلِ بِمَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَرْءُ رَغْبَةً فِي تَسْلِيَةِ النَّفْسِ وَتَحْسِينِ الْقَوْلِ . ( أحكام القرآن ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ : يُكْرَهُ أَنْ يُشَبِّبَ مِنْ حَلِيلَتِهِ بِمَا حَقُّهُ الإِخْفَاءُ ، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَتَأَذَّ بِإِظْهَارِهِ وَإِلا حَرُمَ . ( نهاية المحتاج )
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ : يُكْرَهُ مِنَ الشِّعْرِ الْهِجَاءُ وَالشِّعْرُ الرَّقِيقُ الَّذِي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ . ( الفروع )
وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ مُبَاحًا وَهُوَ الأَصْلُ فِي الشِّعْرِ . وَنُصُوصُ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ مُتَقَارِبَةٌ :
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ : الْيَسِيرُ مِنَ الشِّعْرِ لا بَأْسَ بِهِ إِذَا قُصِدَ بِهِ إِظْهَارُ النِّكَاتِ وَالتَّشَابِيهِ الْفَائِقَةِ وَالْمَعَانِي الرَّائِقَةِ ، وَمَا كَانَ مِنَ الشِّعْرِ فِي ذِكْرِ الأَطْلالِ وَالأَزْمَانِ وَالأُمَمِ فَمُبَاحٌ ( رد المحتار )
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : يُبَاحُ إِنْشَادُ الشِّعْرِ وَإِنْشَاؤُهُ مَا لَمْ يُكْثِرْ مِنْهُ فَيُكْرَهُ ، إِلا فِي الأَشْعَارِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي الاسْتِدْلالِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ : يُبَاحُ إِنْشَاءُ الشِّعْرِ وَإِنْشَادُهُ وَاسْتِمَاعُهُ - مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ مَا يَمْنَعُهُ أَوْ يَقْتَضِيهِ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَلأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إِلَيْهِمْ كَحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ " وَلأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ ابْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِائَةَ بَيْتٍ " ، أَيْ لأَنَّ أَكْثَرَ شِعْرِهِ حِكَمٌ وَأَمْثَالٌ وَتَذْكِيرٌ بِالْبَعْثِ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : < كَادَ أَنْ يُسْلِمَ > وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : < إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً > ( نهاية المحتاج )
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : لَيْسَ فِي إِبَاحَةِ الشِّعْرِ خِلافٌ ، وَقَدْ قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَيْهِ . ( المغني )
تَعَلُّمُ الشِّعْرِ :
13 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ تَعَلُّمَ الشِّعْرِ مُبَاحٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُخْفٌ أَوْ حَثٌّ عَلَى شَرٍّ أَوْ مَا يَدْعُو إِلَى حَظْرِهِ .
وَتَعَلُّمُ بَعْضِ الشِّعْرِ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا نَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الشِّهَابِ الْخَفَاجِيِّ . ( رد المحتار ، مطالب أولي النهي ، وغير ذلك )
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : لا نِزَاعَ فِي جَوَازِ تَعَلُّمِ الأَشْعَارِ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُونَ لِلاسْتِدْلالِ بِهَا . وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِتَعْلِيمِ نَحْوِ شِعْرٍ مُبَاحٍ وَيَجُوزُ أَخْذُ الأَجْرِ عَلَيْهِ .
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْصَحَ الْفُصَحَاءِ وَأَبْلَغَ الْبُلَغَاءِ ، وَقَدْ أُوتِيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ ، وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجِبَ عَنْهُ الشِّعْرُ لِمَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدِ ادَّخَرَهُ لَهُ مِنْ فَصَاحَةِ الْقُرْآنِ وَإِعْجَازِهِ دَلالَةً عَلَى صِدْقِهِ ، كَمَا سَلَبَ عَنْهُ الْكِتَابَةَ وَأَبْقَاهُ عَلَى حُكْمِ الأُمِّيَّةِ تَحْقِيقًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ وَتَأْكِيدًا ، وَلِئَلا تَدْخُلَ الشُّبْهَةُ عَلَى مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ فَيَظُنَّ أَنَّهُ قَوِيَ عَلَى الْقُرْآنِ بِمَا فِي طَبْعِهِ مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الشِّعْرِ . ( تفسير القرطبي )
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ }.
جمع الماده ونسقها وخرّجها ( الريان )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي : لاشك أن في هذا العصر كثروا الشعراء والشعر ، فنجد من استغله بأمور محرمه وهذا الذي نراه خااااصة في هذا الزمن ، وقد دب في نفوس من يتشعرون في القاء الشعر يسعون في تحصيل الأموال وجمعها حتى لو كان على حساب الضمير أو على حساب كلماتها المحرمه وغير ذلك من المبالغه التي قد تصل إلى غير استحقاقها للعبد الفقير .. الكلام يطول ولكن هيا بنا لنعرف ماهية الشعر ؟ وما حكم تعلمه ؟ وما هي وسائله ؟ وما هو محرم وغير محرم ؟ . فأقول مستعينا بالله تعالى :
يقول الله تبارك وتعالى (والشُّعراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ . ألَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ . وأَنَّهُمْ يَقولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ) .
اخْتَلَفَ (http://اخْتَلَفَ/) الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ تَعَلُّمِ الشِّعْرِ وَإِنْشَائِهِ وَإِنْشَادِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ التَّالِي :
انْشَاءُ الشِّعْرِ وَإِنْشَادُهُ وَاسْتِمَاعُهُ :
قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : لَيْسَ فِي إِبَاحَةِ الشِّعْرِ خِلافٌ ، وَقَدْ قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَيْهِ لِمَعْرِفَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَالاسْتِشْهَادِ بِهِ فِي التَّفْسِيرِ ، وَتَعَرُّفِ مَعَانِي كَلامِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسْتَدَلُّ بِهِ أَيْضًا عَلَى النَّسَبِ وَالتَّارِيخِ وَأَيَّامِ الْعَرَبِ ، يُقَالُ : الشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ . ( المغني )
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ – في أحكام القرآن - : الشِّعْرُ نَوْعٌ مِنَ الْكَلامِ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : حَسَنُهُ كَحَسَنِ الْكَلامِ ، وَقَبِيحُهُ كَقَبِيحِهِ : يَعْنِي أَنَّ الشِّعْرَ لَيْسَ يُكْرَهُ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لِمُتَضَمَّنَاتِهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ ( صحيح مسلم ) : قَالَ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً : الشِّعْرُ مُبَاحٌ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فُحْشٌ وَنَحْوُهُ ، وَهُوَ كَلامٌ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، فَقَدْ " سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّعْرَ وَاسْتَنْشَدَهُ ، وَأَمَرَ بِهِ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ ، وَأَنْشَدَهُ أَصْحَابُهُ بِحَضْرَتِهِ فِي الأَسْفَارِ وَغَيْرِهَا " ، وَأَنْشَدَهُ الْخُلَفَاءُ وَأَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ وَفُضَلاءُ السَّلَفِ ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى إِطْلاقِهِ ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا الْمَذْمُومَ مِنْهُ وَهُوَ الْفُحْشُ وَنَحْوُهُ .
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ ( فتح الباري ) : الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلامِ الْعُلَمَاءِ فِي حَدِّ الشِّعْرِ الْجَائِزِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكْثَرْ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَخَلا عَنْ هَجْوٍ وَعَنِ الإِغْرَاقِ فِي الْمَدْحِ وَالْكَذِبِ الْمَحْضِ وَالْغَزَلِ الْحَرَامِ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ جَائِزًا . وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، وَاسْتَدَلَّ بِأَحَادِيثَ وَبِمَا أُنْشِدَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ اسْتَنْشَدَهُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ ، وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ مُجَلَّدًا فِي أَسْمَاءِ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ مِنْ شِعْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ : الشِّعْرُ مِنْهُ حَسَنٌ وَمِنْهُ قَبِيحٌ ، خُذِ الْحَسَنَ وَدَعِ الْقَبِيحَ .
وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ " عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَدَفْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : هِيهِ فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ : هِيهِ ثُمَّ أَنْشَدْتُهُ بَيْتًا فَقَالَ : هِيهِ حَتَّى أَنْشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْتٍ "
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ في تفسيرهِ : وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى حِفْظِ الأَشْعَارِ وَالاعْتِنَاءِ بِهَا إِذَا تَضَمَّنَتِ الْحِكَمَ وَالْمَعَانِيَ الْمُسْتَحْسَنَةَ شَرْعًا وَطَبْعًا . وَإِنَّمَا اسْتَكْثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ لأَنَّهُ كَانَ حَكِيمًا ، " وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَادَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ أَنْ يُسْلِمَ "
وَلَمَّا " أَرَادَ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَدْحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبْيَاتٍ مِنَ الشِّعْرِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ : هَاتِ ، لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ "
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يَمْشِي وَهُوَ يَقُولُ : خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مُقِيلِهِ
وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ
فَقَالَ عُمَرُ : يَا ابْنَ رَوَاحَةَ ، فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ ، فَلَهِيَ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ "
وَرَوَى أُبَيٌّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً " رواه البخاري .
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لا وَجْهَ لِقَوْلِ مَنْ حَرَّمَ الشِّعْرَ مُطْلَقًا أَوْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِ .
قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ : فَقَدْ يَكُونُ فَرْضًا كَمَا نَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الشِّهَابِ الْخَفَاجِيِّ قَالَ : مَعْرِفَةُ شِعْرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْمُخَضْرَمِينَ ( وَهُمْ مَنْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلامَ ) وَالإِسْلامِيِّينَ رِوَايَةً وَدِرَايَةً فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَ فُقَهَاءِ الإِسْلامِ ؛ لأَنَّ بِهِ تَثْبُتُ قَوَاعِدُ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي بِهَا يُعْلَمُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى مَعْرِفَتِهِمَا الأَحْكَامُ الَّتِي يَتَمَيَّزُ بِهَا الْحَلالُ مِنَ الْحَرَامِ ، وَكَلامُهُمْ وَإِنْ جَازَ فِيهِ الْخَطَأُ فِي الْمَعَانِي فَلا يَجُوزُ فِيهِ الْخَطَأُ فِي الأَلْفَاظِ وَتَرْكِيبِ الْمَبَانِي . ( رد المحتار ) .
وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا ، وَذَلِكَ إِذَا تَضَمَّنَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَمْدَهُ أَوِ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ ، أَوْ ذِكْرَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوِ الصَّلاةَ عَلَيْهِ أَوْ مَدْحَهُ أَوِ الذَّبَّ عَنْهُ ، أَوْ ذِكْرَ أَصْحَابِهِ أَوْ مَدْحَهُمْ ، أَوْ ذِكْرَ الْمُتَّقِينَ وَصِفَاتِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ ، أَوْ كَانَ فِي الْوَعْظِ وَالْحِكَمِ أَوِ التَّحْذِيرِ مِنَ الْمَعَاصِي أَوِ الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَاتِ وَمَكَارِمِ الأَخْلاقِ . ( القرطبي ، فتح الباري وغيرهما )
وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ حَرَامًا إِذَا كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا لا يَحِلُّ كَوَصْفِ الْخَمْرِ الْمُهَيِّجِ لَهَا ، أَوْ هِجَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ، أَوْ مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ وَالْكَذِبِ فِي الشِّعْرِ ، بِحَيْثُ لا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ ، أَوِ التَّشْبِيبِ بِمُعَيَّنٍ مِنْ أَمْرَدَ أَوِ امْرَأَةٍ غَيْرِ حَلِيلَةٍ ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُقَالُ عَلَى الْمَلاهِي . ( المغني ، رد المحتار ، نهاية المحتاج وغيرهم )
وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ مَكْرُوهًا . . وَلِلْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ : فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ مِنَ الشِّعْرِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الشَّخْصُ وَجَعَلَهُ صِنَاعَةً لَهُ حَتَّى غَلَبَ عَلَيْهِ وَشَغَلَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَنِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَمَا كَانَ مِنَ الشِّعْرِ فِي وَصْفِ الْخُدُودِ وَالْقُدُودِ وَالشُّعُورِ ، وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ مَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ الْفِسْقِ وَالْخَمْرِ . ( رد المحتار )
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : يُكْرَهُ الإِكْثَارُ مِنَ الشِّعْرِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ لِقِلَّةِ سَلامَةِ فَاعِلِهِ مِنَ التَّجَاوُزِ فِي الْكَلامِ لأَنَّ غَالِبَهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى مُبَالَغَاتٍ ، رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ فَقَالَ : لا تُكْثِرَنَّ مِنْهُ فَمِنْ عَيْبِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ }
قَالَ : وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَنِ اجْمَعِ الشُّعَرَاءَ قِبَلَكَ ، وَسَلْهُمْ عَنِ الشِّعْرِ ، وَهَلْ بَقِيَ مَعَهُمْ مَعْرِفَةٌ ، وَأَحْضِرْ لَبِيدًا ذَلِكَ ، فَجَمَعَهُمْ فَسَأَلَهُمْ ، فَقَالُوا : إِنَّا لَنَعْرِفُهُ وَنَقُولُهُ ، وَسَأَلَ لَبِيدًا فَقَالَ : مَا قُلْتُ بَيْتَ شِعْرٍ مُنْذُ سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ( الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه )
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : مِنَ الْمَذْمُومِ فِي الشِّعْرِ التَّكَلُّمُ مِنَ الْبَاطِلِ بِمَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَرْءُ رَغْبَةً فِي تَسْلِيَةِ النَّفْسِ وَتَحْسِينِ الْقَوْلِ . ( أحكام القرآن ) .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ : يُكْرَهُ أَنْ يُشَبِّبَ مِنْ حَلِيلَتِهِ بِمَا حَقُّهُ الإِخْفَاءُ ، وَذَلِكَ مَا لَمْ تَتَأَذَّ بِإِظْهَارِهِ وَإِلا حَرُمَ . ( نهاية المحتاج )
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ : يُكْرَهُ مِنَ الشِّعْرِ الْهِجَاءُ وَالشِّعْرُ الرَّقِيقُ الَّذِي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ . ( الفروع )
وَقَدْ يَكُونُ الشِّعْرُ مُبَاحًا وَهُوَ الأَصْلُ فِي الشِّعْرِ . وَنُصُوصُ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ مُتَقَارِبَةٌ :
قَالَ الْحَنَفِيَّةُ : الْيَسِيرُ مِنَ الشِّعْرِ لا بَأْسَ بِهِ إِذَا قُصِدَ بِهِ إِظْهَارُ النِّكَاتِ وَالتَّشَابِيهِ الْفَائِقَةِ وَالْمَعَانِي الرَّائِقَةِ ، وَمَا كَانَ مِنَ الشِّعْرِ فِي ذِكْرِ الأَطْلالِ وَالأَزْمَانِ وَالأُمَمِ فَمُبَاحٌ ( رد المحتار )
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : يُبَاحُ إِنْشَادُ الشِّعْرِ وَإِنْشَاؤُهُ مَا لَمْ يُكْثِرْ مِنْهُ فَيُكْرَهُ ، إِلا فِي الأَشْعَارِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي الاسْتِدْلالِ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ : يُبَاحُ إِنْشَاءُ الشِّعْرِ وَإِنْشَادُهُ وَاسْتِمَاعُهُ - مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ مَا يَمْنَعُهُ أَوْ يَقْتَضِيهِ اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَلأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ شُعَرَاءُ يُصْغِي إِلَيْهِمْ كَحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ " وَلأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَنْشَدَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ ابْنِ أَبِي الصَّلْتِ مِائَةَ بَيْتٍ " ، أَيْ لأَنَّ أَكْثَرَ شِعْرِهِ حِكَمٌ وَأَمْثَالٌ وَتَذْكِيرٌ بِالْبَعْثِ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : < كَادَ أَنْ يُسْلِمَ > وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : < إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً > ( نهاية المحتاج )
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ : لَيْسَ فِي إِبَاحَةِ الشِّعْرِ خِلافٌ ، وَقَدْ قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ ، وَالْحَاجَةُ تَدْعُو إِلَيْهِ . ( المغني )
تَعَلُّمُ الشِّعْرِ :
13 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ تَعَلُّمَ الشِّعْرِ مُبَاحٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سُخْفٌ أَوْ حَثٌّ عَلَى شَرٍّ أَوْ مَا يَدْعُو إِلَى حَظْرِهِ .
وَتَعَلُّمُ بَعْضِ الشِّعْرِ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا نَقَلَ ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الشِّهَابِ الْخَفَاجِيِّ . ( رد المحتار ، مطالب أولي النهي ، وغير ذلك )
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : لا نِزَاعَ فِي جَوَازِ تَعَلُّمِ الأَشْعَارِ الَّتِي يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُونَ لِلاسْتِدْلالِ بِهَا . وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِئْجَارٌ لِتَعْلِيمِ نَحْوِ شِعْرٍ مُبَاحٍ وَيَجُوزُ أَخْذُ الأَجْرِ عَلَيْهِ .
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْصَحَ الْفُصَحَاءِ وَأَبْلَغَ الْبُلَغَاءِ ، وَقَدْ أُوتِيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ ، وَلَكِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجِبَ عَنْهُ الشِّعْرُ لِمَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدِ ادَّخَرَهُ لَهُ مِنْ فَصَاحَةِ الْقُرْآنِ وَإِعْجَازِهِ دَلالَةً عَلَى صِدْقِهِ ، كَمَا سَلَبَ عَنْهُ الْكِتَابَةَ وَأَبْقَاهُ عَلَى حُكْمِ الأُمِّيَّةِ تَحْقِيقًا لِهَذِهِ الْحَالَةِ وَتَأْكِيدًا ، وَلِئَلا تَدْخُلَ الشُّبْهَةُ عَلَى مَنْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ فَيَظُنَّ أَنَّهُ قَوِيَ عَلَى الْقُرْآنِ بِمَا فِي طَبْعِهِ مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الشِّعْرِ . ( تفسير القرطبي )
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ }.
جمع الماده ونسقها وخرّجها ( الريان )