مخلد الذيابي
01-09-2010, 01:10 PM
http://www.otabhq8.com/up/uploads/images/otabhq8-bb901c5ba2.gif
http://www.otabhq8.com/up/uploads/images/otabhq8-631d73b3a6.jpg
بقايا أحد منازل المبرز
تقـديــم
يستعرض هذا البحث نبذة عن تاريخ فريق العتبان
وهو أحد الأحياء الرئيسية لمدينة المبرز القديمة في الأحساء. حيث نبدأ بلمحة مختصرة عن مدينة المبرز وأحيائها, ثم التطرق لأقدم النصوص التاريخية المتوفرة والتي اختصت بذكر حي العتبان بالذات.
وبعدها يتم الحديث عن التاريخ التقريبي لنشوء هذا الحي في المبرز
وسبب تسميته وعلاقته بالعتبان أو آل عتيبة القبيلة المعروفة في عصرنا الحالي.
ثم الحديث عن التعليم والمساجد القديمة به حسب المصادر والمعلومات المتوفرة.
مدينة المبرز القديمة
الحقيقة أن الحديث عن مدينة المبرز وتاريخها بشكل وافي لن تكفيه هذه الأسطر, فالمبرز وردت عند جميع المؤرخين تقريباً الذين تطرقوا لذكر الأحساء حيث أنها كانت إحدى المدينتين الوحيدتين في واحة الأحساء لعدة قرون مضت, بعد ضعف وانتهاء المدن القديمة (هجر والأحساء القديمة وغيرها).
كما أن المبرز أصبحت في فترة من الفترات مركزاً لحكم الأحساء والمنطقة بأكملها مع مد النفوذ السياسي والاقتصادي على أجزاء واسعة من نجد,
وذلك من عام 1080هـ وهي بداية سيطرة براك بن غرير آل حميد على الأحساء إلى عام 1208هـ
وفيها سقوط حكمهم وبداية سيطرة الدولة السعودية الأولى.
أما عن نشأة المبرز فلم نطلع على نص تاريخي أو وثيقة توضح بالتحديد وقت وكيفية نشأة المدينة, لكن نستطيع القول أن المبرز كان اسم لجزء من الهضبة التي قامت عليها المدينة, وبها مواقع صخرية متعددة غير قابلة للزراعة. وبعض هذه المواقع كانت مقالع للأحجار, يبنون بها أهل المبرز منازلهم. وقد كانت هذه البقعة في الماضي مكاناً لتجمع القوافل قبل انطلاقها ولذلك سميت المبرز لأن الناس كانوا يبرزون إليها قبل الانطلاق.
وكان الشيخ محمد العبدالقادر قد ذكر أن تسمية المبرز أتت من بروز أهل الأحساء إليها قبل انطلاقهم للحج, وبالتالي فهذا الأمر شبه متفق عليه بين جميع أهالي المبرز.
أما عن بداية التواجد السكني فنعتقد بأن المكونات الأساسية لمدينة المبرز ومدينة الهفوف أيضاً, إنما وجدت مع وجود قبيلة بني عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الذين أطلق عليهم المؤرخون في عصرهم تسمية "عرب البحرين"
أي بدوها, حيث كانت لهم السيطرة الواسعة على البادية في عهد الدولة العيونية (466 – 636هـ),
حتى تصاهروا معهم لاحقاً وصار منهم أخوالاً لبعض حكام العيونيين,
وبدأوا بامتلاك مزارع
وبساتين النخيل وخوض البحر والسيطرة على بعض الجزر, فتحضر أغلبهم شيئاً فشيئاً على أطراف
وداخل واحتي المنطقة (الأحساء والقطيف)
كما حصل للقبائل التي سبقتهم. وكثير من تفاصيل هذه الأحداث مذكورة في قصائد
وشرح ديوان الشاعر الأحسائي علي ابن المقرب العيوني (572 – 631هـ).
وكان من بني عقيل إمارتان حكمتا المنطقة بعد العيونيين وهما إمارة عصفور بن راشد آل عميرة وبنوه, وإمارة جروان المالكي وولده ناصر وحفيده إبراهيم(1).
أما الجبريين (لجد لهم اسمه جبر العقيلي) فقد قدموا من نجد لاحقاً وكانوا يُـنسبون إليها.
لكن نرى بأن التأسيس الفعلي لهاتين المدينتين وتطويرهما ودعمهما لم يكن قبل حكم الجبريين والذين كانوا بحاجة لإنشاء حواضر يرتكزون عليها في حكمهم مقابل النفوذ الرئيسي آنذاك في واحة الأحساء والذي كان متركزاً في المناطق الشرقية منها, وهي مناطق مدينتي هجر والأحساء القديمتين. فتم التركيز على هاتين البقعتين وبناؤهما وتطويرهما وتوطين العديد من البدو والأسر النجدية الموالية لهم آنذاك. ومسجد الجبري في الهفوف ومسجد الجبري في المبرز هما تقريباً أقدم مسجدين معروفين في هاتين المدينتين وبناهما شخص اسمه سيف بن حسين الجبري حسب الوثائق المتوفرة(2) وهو بالتأكيد ليس سيف بن زامل الذي أسس حكمهم (بعد 820هـ), بل قد يكون أحد أحفاده, والذي قام بالتركيز على الهفوف والمبرز وتطويرهما. فأصبحت الهفوف والمبرز لاحقاً هما قصبتي الأحساء التي تحوي أجمل مبانيها وأكبر مساجدها ومدارسها الدينية التي أمّها ودرّس بها وعمل بالقضاء بها عدداً من العلماء استقدمهم بنو جبر من عدة أماكن مختلفة, وظل منهم أسر علمية بارزة حتى وقت قريب مثل آل فيروز وغيرهم.
ومما قاله السخاوي عن أجود بن زامل أبرز وأهم حاكم جبري:
"قام أخوه سيف على آخر ولاة الجراونة بقايا القرامطة حين رام قتله وكان الظفر لسيف بحيث قتله وانتزع البلاد المشار إليها وملكها وسار فيها بالعدل فدان له أهلها ولما مات خلفه أخوه هذا بل اتسعت له مملكته بحيث ملك البحرين وعمان ...
وصار صرغل – ملك هرمز- يبذل له ما كان يبذل لأخيه أو أزيد وصار رئيس نجد ذا أتباع يزيدون على الوصف مع فروسية ....
وله إلمام ببعض فروع المالكية
واعتناء بتحصيل كتبهم بل استقر في قضائه ببعض أهل السنة منهم بعد أن كانوا شيعة
وأقاموا الجمعة والجماعات وأكثر من الحج في أتباع كثيرين"(3).
وتدقيق بسيط في لهجات أهل الأحساء يجعلنا نلاحظ الفرق الواضح بين لهجة أهالي الهفوف والمبرز,
وبين اللهجة القديمة لأهالي القرى الشرقية وبلاد بن بطال وغيرها من المواقع الداخلية.
ولا شك بأن التواجد الكثيف لبني عقيل في الأحساء سهّـل المهمة كثيراً على الجبريين الذين تجمع بينهم روابط دم قديمة, وإن وجدت اختلافات مذهبية.
وفي قصيدة نبطية لراشد الخلاوي يتحدث فيها عن منيع بن سالم أحد أمراء بني جبر يقول:
فلولا منيع سور هجر وبابها وابنا عقيل عصبةٍ من قرايبه(4)
ونعتقد بأن في عهد بني جبر بدأ نفوذ الشرق بالضعف شيئاً فشيئاً, لكن بقي لهم شوكة قوية حتى وقت قريب جداً كما كانوا يشكلون نفوذا اقتصادياً لا يستهان به.
وفي قصيدة نبطية أخرى تـُخاطب, مجرن بن قضيب أحد أمراء بني جبر, يقول صاحبها:
وان كان تبغي حكم هجر صادق اضرب بحد السيف روس رجالها
اجعل قديمي في محل مقدم واهل الشروقات استعن باموالها(5)
والشروقات كلمة يقصد بها أهالي القرى الشرقية وما زالت متداولة لدى أهالي المبرز حتى يومنا هذا.
والقديمي نسبة لبني قـُديمة وهم القديمات المسمى باسمهم أحد أحياء المبرز كما سيأتي.
هذا والقرى الشرقية بها عوائل كثيرة من أصول بدوية أو حضرية نجدية, والتي توافدت على الأحساء في مراحل
وظروف مختلفة, وكذلك في الهفوف والمبرز عوائل كثيرة من أصول شرقية.
وما ذكرناه عن التوطن البدوي والنجدي في الهفوف والمبرز واختلاف اللهجات لا نعني به اختلاف جذري في الأصول والعادات والتقاليد بل نعني به من الناحية السيسيولوجية أن لكل من هؤلاء كتلة اجتماعية مختلفة عن الأخرى في زمن التأسيس والاستقرار, ولم يحدث بينها اندماج حقيقي في السابق, وإلا لكانت اللهجة قد توحدت أو تقاربت لحد كبير, حسب نظريات علم الاجتماع. وقد كان الوافدون من خارج الأحساء يندمجون في الكتلة التي يحلون بها (مكان إقامتهم الجديد) ويذوبون مع أهاليها في لهجتهم ومذهبهم الديني حتى ولو بعد جيل أو جيلين. علماً بان أماكن عديدة في الأحساء هي مختلطة المذاهب وأهمها مدينة المبرز نفسها. والأمر الوحيد الذي كان يُظهر بعض التباين الطبقي هو عملية المصاهرة فقط لا غير, حيث بقي هذا الأمر يشكل حساسية كبيرة إلى وقت قريب جداً, سواء في المدن أو القرى, وسواء عند السنة أو الشيعة.
الأحياء (الفرجان)
1/ فريق العيوني. اعتبر العبدالقادر أن لهذا الحي ارتباط بالعيونيين أمراء الدولة العيونية في بلاد البحرين. والحقيقة أن ربط هذا الحي بالعيونيين لا نرى ما يدعمه على هذا النحو الجازم. فلقب العيوني يمكن أن يطلق على أي شخص انتقل من منطقة العيون شمال الأحساء, بل حتى أسرة آل إبراهيم التي أسست الدولة العيونية إنما أطلق عليهم العيونيين لأن أجدادهم كانوا يسكنون العيون قبل انتقالهم إلى مدينة الأحساء القديمة في عهد القرامطة, وكان منهم بشر بن مفلح العيوني أحد قادة جيوش القرامطة. وحي العيوني كان يشمل مواقع ذات تسميات قديمة مثل السودان والجحاحفة وغيرهما, ولعل مسمى العيوني شمل هذه المواقع لاحقاً. والجحاحفة هم آل جحّاف بن غفيلة, من عقيل بني عامر أيضاً,
وذكروا عدة مرات في شرح ديوان ابن المقرب, ومن أبياته:
تتلوهم آل جحّـاف وما ولدت أم عجرّش مثل الجرب طلينا
وقوله:
لما أتت أهل القطيف بجحفل متوقد كتوقد النيران
في آل جحّـاف وآل شبانة مثل الأسود بحافتي خفان(6)
وبعض كبار السن مازالوا يعرفون موقع الجحاحفة شمال حي العيوني. أقول ولعل الجحاحفة في الماضي كانت تشمل قلب العيوني والتي بها مسجد الجبري, وقد يكون للجحاحفة في الماضي تجمع سكني في هذا الموقع عرف باسمهم قبل تأسيس المدينة, كما كان ذلك أيضاً في موقع معروف بنفس الاسم في مدينة الهفوف, فاندمجت هذه التجمعات بعناصر هاتين المدينتين. وعن تسمية العيوني فهناك رواية شفوية أخرى سمعناها وكنا قد تطرقنا لها في كتابات سابقة(7), وفي جميع الأحوال تبقى تلك الآراء أو هذه الروايات بحاجة لبحث وتحليل, فنحن هنا لا ننفي أو نثبت شيء.
2/ فريق القـُديمات (الجديمات باللهجة المحلية), والقديمات هم بنو قديمة بن نباتة, أحد بطون عقيل أيضاً ومنهم آل جحاف المذكورين سابقاً. ذكرهم بعض النسابون كالقلقشندي في قلائد الجمان نقلاً عن الحمداني, وذكروا أيضاً عدة مرات في شرح ديوان ابن المقرب. ومما جاء عنهم في شعره قوله:
فكفى لكم بقـُديمة ومُقدّم وعبدلٍ والنكد من حرثان
وبجعفر وبمسلم ومطرّف ويزيد والأحلاف والبدوان(8)
ومقدم هم نفس المذكورين في الأبيات النبطية السابقة, ولكن بعد أن توطنوا واحة الأحساء وأصبحوا من أهاليها, بينما ابن المقرب هنا يتحدث عنهم كبدو كانوا يهاجمون الأحساء آنذاك, وكذلك باقي الأسماء كلها لفروع عقيلية كانت تجول في بوادي المنطقة مع أحلاف لهم من البدو.
3/ فريق المُقابل (المجابل باللهجة المحلية). والبعض اليوم يعتقد بأن التسمية جاءت من المقابلة والتقابل, وهذا ليس صحيح. فالمقابل هي جمع مقبل (مجبل), وآل مقبل هؤلاء هم أيضاً من بني عقيل, والبعض يقول عنهم خوالد. وقد ذكر لنا الأستاذ صالح بن عبدالوهاب الموسى أن لآل مقبل هؤلاء حجج شرعية وأوقاف مازالت تحمل اسمهم حتى اليوم, وقد ذكر ذلك لاحقاً في كتابه "مجد الأجداد"(9).
4/ فريق الشَعَـبة, بفتح العين, وهو غير قرية الشعْبة بسكون العين, حيث هناك من خارج الأحساء من يخلط بينهما عند القراءة. وهذا الحي كان أحد المراكز الصناعية الهامة في الأحساء, ويبدو لي أنه حديث نسبياً حيث أن أجزاء كثيرة منه كانت إلى وقت قريب عبارة عن مزارع وبساتين, كما أن كثير من سكانه أهل الصناعة والحرف اليدوية انتقلوا أساساً من الهفوف أو من أحياء المبرز الأخرى قبل حوالي 200 إلى 250 سنة. لكن في نفس الوقت أخبرني الأستاذ الموسى أيضاً أن هناك حديث عن وجود عائلة كانت تحمل هذا الاسم (الشعَبة) وأن هذا الحي قديم وليس حديثاً كما يُعتقد.
5/ فريق السياسب, والسياسب إسم قبيلة عُـقيلية أيضاً, حسب ما ذكر العبدالقادر, والبعض اعتبرهم من الخوالد. هذا وقد كانت هناك عائلة تحمل هذا الاسم حتى وقت قريب.
6/ فريق العتبان, وهو محل بحثنا وسنتحدث عنه بتفصيل أكثر فيما يأتي. أما بالنسبة لمواقع هذه الأحياء وحدودها فنرى بأن الأستاذ الموسى قد أثرى هذا الجانب في الخارطة التي أرفقها بكتابه "مجد الأجداد", والتي حددت بدقة متناهية حدود هذه الأحياء داخل المبرز وتداخلاتها القديمة مع بعضها قبل وجود الشوارع والطرق الحديثة, فيمكن الرجوع إليها في هذا الشأن لمن يريد مزيداً من الاطلاع.
بقي أن نذكر بأن كل حي من هذه الأحياء كان لها رئيساً عادةً ما يكون من أحد حمائلها البارزة, وكان أحياناً في العهد العثماني يسمى مختار. وقد ترأس المبرز آل حميد الذين حكموا المنطقة كما ذكرنا, إلا أن نجمهم قد أفل بسبب خلافات داخلية مزقتهم, وأزمات سياسية خارجية متلاحقة. ثم تزعم المبرز فرع من آل السعدون شيوخ المنتفق, وهم نفس عائلة السعدون المعروفة اليوم في السياسب. وليس صحيحاً على الإطلاق ما قاله العبدالقادر من أن السعدون هؤلاء هم من قبيلة السياسب التي يحمل الحي اسمها, بل جدهم الذي قدم إلى الأحساء هو سعدون بن عبدالله السعدون الجد الثاني لعبدالله باشا, وهذه المعلومات يعرفها أهالي المبرز بل وسمعت تفاصيلها من أبناء هذه العائلة أنفسهم مثل الحاج عبدالله السعدون عمدة السياسب الحالي والدكتور سعدون السعدون وغيرهم. وهناك العديد من المؤرخين الأجانب والعرب ومنهم سعوديون خلطوا بين آل السعدون هؤلاء وبين آل سعدون بن محمد بن غرير آل حميد. وإضافة لما سبق فقد كان لبعض الحمائل العريقة في المبرز نفوذ سياسي واقتصادي وكلمة مسموعة لدى الأهالي والدولة العثمانية آنذاك, مثل عائلة العفالق والموسى والجبر من السنة, ومن الشيعة الخليفة والبشر والماجد, وغيرهم. وقد نـُشر من الوثائق العثمانية قائمة لرؤساء الأحساء المحليين عام 1318هـ, فكان فيها أن للمبرز عمدتان وهما: عبدالله باشا السعدون والشيخ محمد ابن الشيخ حسين الخليفة(10).
فريج العتبان
أقدم نص تاريخي اطلعت عليه يُذكر فيه حي العتبان, هو لابن غنام في روضة الأفكار,
وكان يتحدث عن أحد غزوات الدولة السعودية الأولى في الأحساء عام 1203هـ,
ومما قاله:
"وشهرت أصوات البنادق رماته وقد كانوا قبل ذلك الوقت والأوان محيطين بفريق العتبان فحينما نهضوا يريدون الأصوات أجاد كثيرا منهم أولئك الرماة فلم يكن لهم سبيل إلى الخروج بل كانوا إلى السطوح في عروج فدافعوا عن الدخول والهجوم فلم يكن للمسلمين عليهم إقدام بعد القدوم".
ثم في حديثه عن التمرد في الأحساء عام 1207هـ,
ذكرعدة أسماء من زعماء تلك الحركة وأماكنهم, وكان من بينهم شخص اسمه مهيني بن عمران من العتبان(11),
ونفسه ذكره بن بشر أيضاً. ثم في أحداث عام 1210هـ
وعند الحديث عن صالح النجار أحد الزعماء الرئيسيين للتمرد, قال بن بشر:
"فلما رأى صالح ابن النجار مساعدة أهل المبرز السياسب أرسل إلى مهوس بن شقير رئيس العتبان وأخذ منهم الأمان فأمّنه وأما الرفـَعة والنعاثل وأهل الشرق فصمموا على أمرهم"(12).
كما ذكر فريق العتبان البريطاني لوريمر (J.G. Lorimer) الذي جمع معلوماته عن الأحساء في عام 1905م, فقال:
"يحتل وسط الواجهة الشمالية للمدينة وبه 400 منزل أغلبها للشيعة ولا يزال يوجد بعض المنازل من العتابية المستقرين ويقال أن الحي أخذ اسمه منهم"(13).
والحقيقة لايمكننا تحديد زمن بداية تكوين الحي على وجه الدقة, لكن يمكننا القول أن تكوينه بدأ قبل حوالي 350 إلى 400 سنة على أبعد تقدير. وكان أول من حل في هذه البقعة هم مجموعة من قبيلة عتيبة التي برزت في القرنين الماضيين في بادية نجد, وهذا أمر كان متداول بين أبناء الحي والمبرز بشكل عام إلا أن أحداً من المؤرخين لم يدوّنه.
وهؤلاء العتبان المؤسسون للحي لم يبق منهم فيه اليوم سوى عائلة واحدة فقط هي عائلة آل مثيني ومنها الحاج سعود بن محمد المثيني العتيبي رحمه الله,
وقد كان من المعمرين حيث توفي في المحرم من عام 1428هـ عن عمر ناهز 120عاماً,
وقد استفدنا منه بمعلومات نادرة. وكذلك أبناؤه الأفاضل الذين لم يقصروا في تزويدي بكل ما لديهم من معلومات ووثائق تتعلق بهم, خاصة أخينا العزيز سلطان.
والقصة كما يرويها آل مثيني هي أن قبيلة العتبان لم تحل في نجد سوى في وقت متأخر وأن موطنها الأصلي كان في الحجاز التي هاجر منها أجداد عتبان الأحساء, وأنهم ينحدرون من آل زحّاف النجدة من الهوارنة من المقطة من برقا عتيبة.
وسبب الهجرة هو خلاف بين شريف مكة في ذلك الوقت وبين أحد شيوخ الهوارنة وهو بن عياش
(والحقيقة لم أتوصل لمعرفة الشريف المذكور لعدم دقة تاريخ الحادثة).
وقد كان بن عياش يجير شخص اسمه غنيم السهلي
وكان غنيم يمتلك كمية من أفضل أنواع الإبل (عمانية),
وكان الشريف قد حاول شراؤها منه أو مقايضته بغيرها إلا أنه لم يقبل, فما كان من الشريف سوى الاستيلاء عليها عنوة وضمها إلى إبله.
فاضطر بن عياش حينها للتدخل في الأمر على عادة العرب في حماية الجار, حيث أن الرجل دخيله والشريف كان يعلم ذلك. فسعى للالتقاء بالشريف للتفاهم معه واسترداد إبل الرجل بأي ثمن إلا أن الشريف لم يتجاوب واستهان به, مما جعل بن عياش يستشيط غضباً من ذلك اللقاء.
وعندها اتخذ مع جماعته قرارهم المصيري حيث هيئوا أنفسهم وشدوا رحالهم استعداداً للرحيل,
ولكن ليس قبل الهجوم ليلاً على أحواش الشريف وأخذ إبل السهلي بل وإبل الشريف نفسه,
ومن تلك الليلة تركوا الحجاز بمن فيها خوفاً من بطش الشريف وشدة انتقامه. فتوجهوا إلى الأحساء التي كانوا يطلقون عليها الهاوية حسب تعبيرهم البدوي في ذلك الوقت لأنها منطقة منخفضة.
ثم ربطتهم علاقات طيبة مع آل حميد وعموم بني خالد الذين كانوا يسيطرون على البادية والأحساء في ذلك الوقت, فأصبحوا يراوحون بين البادية في الشتاء
وبين هذه البقعة في الصيف, والتي أطلق عليها الأهالي اسم العتبان نسبة إليهم.
ثم بدأ منهم البعض بالاستقرار والسكن في حي العيوني في بادئ الأمر (بجوار مسجد رشيد الحالي), إلى أن استقروا لاحقاً هم وحاشيتهم ومواليهم في العتبان فتكون الحي وسكن به العديد من الأسر الأخرى التي أغلبها هو امتداد لأسر في حي العيوني أو السياسب.
ويبدو لي أن حي العتبان كان خارج السور ثم أدخل فيه لاحقاً بعد بناء المنازل.
ومن فروع العتبان التي كانت تسكن الحي حسب ما يرويه آل مثيني فهم آل عياش وهم الشيوخ, وآل عرّه, والجهيم (الصويلح), والمعجوَر, والفريضي, والمحسني, وكل هؤلاء انقرضوا. وآل غريس المعياني
وبقاياهم في الدمام حالياً.
والشهاب يسكنون الهفوف حالياً. والرشود وقد انتقلوا للكويت.
والحويدر انقرضوا,
وقد أطلعوني على صورة
وثيقة عدسانية تخص جد الحويدر هؤلاء وهي مؤرخة بعام 1172هـ حيث يوقف فيها رجل اسمه حويدر بن علي بن زحاف نخل اسمه الغراريف تابع بلاد بن بطال (البطالية حالياً).
ومن غير المقطة سكن معهم من الأساعدة الحيلان آل بليدان وقد انتقلوا للرياض,
والعْريدي ومنهم في الكويت والنعيرية حالياً,
والحداري والطويرش وهؤلاء رحلوا إلى العراق ثم عادوا لاحقاً إلى مغيب السر قرب الطائف
والتحقوا بقبيلتهم هناك,
والردهان والرثيع انقرضوا.
ومن العصمة الطوال والجديع والدهش (الرجلان),
وقد انقرضوا, ومن الدغالبة آل شديّد وآل باطح والملفي والظهران,
وهؤلاء كلهم انقرضوا.
وأما عن انقراض كل هذه الأسر, فقد نقلت ذلك بناء على ما أفادوني به آل مثيني فهم مصدري الوحيد في ذلك,
وبعض هذه الأسماء كانت بالفعل معروفة في الحي حتى
وقت قريب جداً. هذا وقد ذكر العبدالقادر من عوائل حي العتبان آل مثيني وآل شديّد ولم ينسبهما(14).
وكذلك ذكرهما الجاسر ونسبهما إلى قبيلة عتيبة على النحو الذي ذكرناه(15).
ومن عتبان الأحساء من حصل على لقب الباشوية في العهد العثماني
وهو الباشا غديّر بن سلطان بن مثيني. كما كان مدعث بن عايد الغريس من النافذين في المبرز.
ومن العتبان رشيد بن مثيني مؤسس مسجد رشيد في حي العيوني,
وقد ذكر الأستاذ الموسى أن باني هذا المسجد هو رشيد بن محمد الجحاحفة.
والحقيقة يبدو أن في هذا الأمر لبس غير واضح لي بشكل تام, لأن عائلة المثيني يملكون حالياً صورة لوقفية هذا المسجد.
وقد اطلعت عليها وهي بختم قاضي الأحساء الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف بن نعيم, قال في نهايتها
"وقد نقلتها من المنقول من أصلها وقابلتها وراجعتها حرفاً بحرف من غير زيادة ولا نقص"
وحسب النص فالأصل كان بتاريخ 7/12/1102هـ مع عدد كبير من الشهود,
وقد جاء أن المسجد في محلة
"بليدان"
من المبرز,
واسم صاحب الوقف هو "رشيد ابن مثيني الجحاحفة".
والتفسير الوحيد الذي أملكه لهذا الخلط, هو أن أصل الاسم الزحاحفة وليس الجحاحفة حيث مر علينا أن آل مثيني من فرع اسمه الزحّاف, كتب أيضاً في وثيقة الحويدر المذكورة سابقاً. فالزحاحفة والجحاحفة شديدي التشابه في النطق والكتابة,
والأصل كان بختم أحد قضاة العدساني كما ورد في هذه الوثيقة والعدساني من أهالي الهفوف. فقد يكون الخطأ وقع في الأصل, أو في نقلها الأول, خاصة وأن اسم الجحاحفة كان هو الأكثر انتشاراً كما مر علينا.
الأمر الآخر أن الوقفية حددت موقع المسجد في محلة بليدان,
وقد مر علينا بأن هناك عائلة من الأساعدة كانت تحمل اسم آل بليدان. أما إمام المسجد الذي ترجم له الموسى وقال عنه:
"الشيخ العلامة أحمد بن حسين بن رشيد ولد في مدينة المبرز سنة 1177هـ تقريباً"(16).
فهذا يقول عنه آل مثيني أنه حفيد رشيد بن مثيني باني المسجد واسمه أحمد بن حسن وليس حسين,
وأن ما سمعوه عنه أنه كان من المتعاطفين مع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في بداية ظهورها,
وحدث خلاف بينه وبين الشيخ الفيروز, فترك الأحساء وسكن في نجد وكان من رجال الدعوة فيها.
أما عن رئاسة حي العتبان فقد اشتهر العمدة عبدالرحمن الشهيل
وكان بعد تأسيس المملكة,
وهو لم يكن أساساً من الحي, لكنه سكن فيه.
وممن عرفناه أيضاً وكان في العهد العثماني فهو المختار أحمد بن حسن بن محمد العليوي,
من عائلة العليوي المعروفة في الحي, ولم أطلع على أسماء محددة قبل هذين الشخصين.
أما من ورد ذكره كرئيس لفريق العتبان في نص بن بشر السابق,
وهو مهوس بن شقير فيبدو لي أنه كان معيناً من قبل الأمير سعود بن عبدالعزيز في ذلك الوقت,
وربما يكون من قبيلة عتيبه لكنه بالتأكيد ليس من عتبان الأحساء هؤلاء.
حيث ذكره بن بشر في موضع آخر من ضمن أحداث 1207هـ, فبعد ذكره لمعركة الشيّط مع بني خالد قال:
"ولما بلغ أهل الأحسا خبر هذه الوقعة وقع الرعب في قلوبهم وخافوا خوفاً عظيماً ثم أن سعودا رحل بجنود المسلمين وقصد ناحية الأحسا وأرسل أمامه غنيم أبا العلا من عتيبة ومهوس بن شقير يدعوهم إلى دين الله ورسوله والمبايعة والسمع والطاعة"(17).
وأما مهيني بن عمران المذكور سابقاً فلم أعرفه, ولا أعلم إن كان له علاقة بعائلة المهيني التي تسكن هذا الحي.
وقبل الختام نشير إلى المساجد والتعليم في الحي. فأما المساجد فقد كانت أربعة وهي: مسجد رشود نسبة لجد عائلة الرشود من العتبان,
ومسجد العتبان, ومسجد حطاب, ومسجد مصبّح.
وكان في الحي مدرسة واحدة وهي مدرسة المصري. كما كان في الحي مجموعة من المعلمين والمعلمات الذين يدرسون القرآن الكريم وتجويده (مطوع أو مطوعة) ذكرهم الدكتور الطاهر كالتالي:
الشيخ أحمد بوسهل والسيد أحمد الطاهر (السلمان) والملا محمد البن ضيف (بوابراهيم),
ومن النساء آمنة الناصر وأم أحمد علي المعيان وأم راضي السروج وزهرة علي السلمان وفاطمة أحمد السعيدي وفضة السروج والسيدة مريم السلمان ومريم محمد البراهيم(18).
كما ذكر الأستاذ الموسى زهرة الماجد على أنها من معلمات حي السياسب(19). والحقيقة أن هذه المعلمة تكون جدتي واسمها زهرة بنت علي بن عيسى الماجد وكانت تسكن مع زوجها محمد بن عبدالعزيز النزر –رحمهم الله- في منزلهم بحي العتبان الملاصق لمسجد حطاب القريب من السياسب, وأغلب طالباتها كانوا من السياسب, لذلك وقع اللبس.
وهذا ما أمكننا تقديمه من نبذة عن حي العتبان نرجوا أن نكون قد أفدنا
وأمتعنا بها القارئ والله ولي التوفيق
,,,,,,,,,,,,,,,,,,
من ايميلي
تحياتي لكم
والله اعلم
اول مره اسمعها
http://www.otabhq8.com/up/uploads/images/otabhq8-631d73b3a6.jpg
بقايا أحد منازل المبرز
تقـديــم
يستعرض هذا البحث نبذة عن تاريخ فريق العتبان
وهو أحد الأحياء الرئيسية لمدينة المبرز القديمة في الأحساء. حيث نبدأ بلمحة مختصرة عن مدينة المبرز وأحيائها, ثم التطرق لأقدم النصوص التاريخية المتوفرة والتي اختصت بذكر حي العتبان بالذات.
وبعدها يتم الحديث عن التاريخ التقريبي لنشوء هذا الحي في المبرز
وسبب تسميته وعلاقته بالعتبان أو آل عتيبة القبيلة المعروفة في عصرنا الحالي.
ثم الحديث عن التعليم والمساجد القديمة به حسب المصادر والمعلومات المتوفرة.
مدينة المبرز القديمة
الحقيقة أن الحديث عن مدينة المبرز وتاريخها بشكل وافي لن تكفيه هذه الأسطر, فالمبرز وردت عند جميع المؤرخين تقريباً الذين تطرقوا لذكر الأحساء حيث أنها كانت إحدى المدينتين الوحيدتين في واحة الأحساء لعدة قرون مضت, بعد ضعف وانتهاء المدن القديمة (هجر والأحساء القديمة وغيرها).
كما أن المبرز أصبحت في فترة من الفترات مركزاً لحكم الأحساء والمنطقة بأكملها مع مد النفوذ السياسي والاقتصادي على أجزاء واسعة من نجد,
وذلك من عام 1080هـ وهي بداية سيطرة براك بن غرير آل حميد على الأحساء إلى عام 1208هـ
وفيها سقوط حكمهم وبداية سيطرة الدولة السعودية الأولى.
أما عن نشأة المبرز فلم نطلع على نص تاريخي أو وثيقة توضح بالتحديد وقت وكيفية نشأة المدينة, لكن نستطيع القول أن المبرز كان اسم لجزء من الهضبة التي قامت عليها المدينة, وبها مواقع صخرية متعددة غير قابلة للزراعة. وبعض هذه المواقع كانت مقالع للأحجار, يبنون بها أهل المبرز منازلهم. وقد كانت هذه البقعة في الماضي مكاناً لتجمع القوافل قبل انطلاقها ولذلك سميت المبرز لأن الناس كانوا يبرزون إليها قبل الانطلاق.
وكان الشيخ محمد العبدالقادر قد ذكر أن تسمية المبرز أتت من بروز أهل الأحساء إليها قبل انطلاقهم للحج, وبالتالي فهذا الأمر شبه متفق عليه بين جميع أهالي المبرز.
أما عن بداية التواجد السكني فنعتقد بأن المكونات الأساسية لمدينة المبرز ومدينة الهفوف أيضاً, إنما وجدت مع وجود قبيلة بني عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الذين أطلق عليهم المؤرخون في عصرهم تسمية "عرب البحرين"
أي بدوها, حيث كانت لهم السيطرة الواسعة على البادية في عهد الدولة العيونية (466 – 636هـ),
حتى تصاهروا معهم لاحقاً وصار منهم أخوالاً لبعض حكام العيونيين,
وبدأوا بامتلاك مزارع
وبساتين النخيل وخوض البحر والسيطرة على بعض الجزر, فتحضر أغلبهم شيئاً فشيئاً على أطراف
وداخل واحتي المنطقة (الأحساء والقطيف)
كما حصل للقبائل التي سبقتهم. وكثير من تفاصيل هذه الأحداث مذكورة في قصائد
وشرح ديوان الشاعر الأحسائي علي ابن المقرب العيوني (572 – 631هـ).
وكان من بني عقيل إمارتان حكمتا المنطقة بعد العيونيين وهما إمارة عصفور بن راشد آل عميرة وبنوه, وإمارة جروان المالكي وولده ناصر وحفيده إبراهيم(1).
أما الجبريين (لجد لهم اسمه جبر العقيلي) فقد قدموا من نجد لاحقاً وكانوا يُـنسبون إليها.
لكن نرى بأن التأسيس الفعلي لهاتين المدينتين وتطويرهما ودعمهما لم يكن قبل حكم الجبريين والذين كانوا بحاجة لإنشاء حواضر يرتكزون عليها في حكمهم مقابل النفوذ الرئيسي آنذاك في واحة الأحساء والذي كان متركزاً في المناطق الشرقية منها, وهي مناطق مدينتي هجر والأحساء القديمتين. فتم التركيز على هاتين البقعتين وبناؤهما وتطويرهما وتوطين العديد من البدو والأسر النجدية الموالية لهم آنذاك. ومسجد الجبري في الهفوف ومسجد الجبري في المبرز هما تقريباً أقدم مسجدين معروفين في هاتين المدينتين وبناهما شخص اسمه سيف بن حسين الجبري حسب الوثائق المتوفرة(2) وهو بالتأكيد ليس سيف بن زامل الذي أسس حكمهم (بعد 820هـ), بل قد يكون أحد أحفاده, والذي قام بالتركيز على الهفوف والمبرز وتطويرهما. فأصبحت الهفوف والمبرز لاحقاً هما قصبتي الأحساء التي تحوي أجمل مبانيها وأكبر مساجدها ومدارسها الدينية التي أمّها ودرّس بها وعمل بالقضاء بها عدداً من العلماء استقدمهم بنو جبر من عدة أماكن مختلفة, وظل منهم أسر علمية بارزة حتى وقت قريب مثل آل فيروز وغيرهم.
ومما قاله السخاوي عن أجود بن زامل أبرز وأهم حاكم جبري:
"قام أخوه سيف على آخر ولاة الجراونة بقايا القرامطة حين رام قتله وكان الظفر لسيف بحيث قتله وانتزع البلاد المشار إليها وملكها وسار فيها بالعدل فدان له أهلها ولما مات خلفه أخوه هذا بل اتسعت له مملكته بحيث ملك البحرين وعمان ...
وصار صرغل – ملك هرمز- يبذل له ما كان يبذل لأخيه أو أزيد وصار رئيس نجد ذا أتباع يزيدون على الوصف مع فروسية ....
وله إلمام ببعض فروع المالكية
واعتناء بتحصيل كتبهم بل استقر في قضائه ببعض أهل السنة منهم بعد أن كانوا شيعة
وأقاموا الجمعة والجماعات وأكثر من الحج في أتباع كثيرين"(3).
وتدقيق بسيط في لهجات أهل الأحساء يجعلنا نلاحظ الفرق الواضح بين لهجة أهالي الهفوف والمبرز,
وبين اللهجة القديمة لأهالي القرى الشرقية وبلاد بن بطال وغيرها من المواقع الداخلية.
ولا شك بأن التواجد الكثيف لبني عقيل في الأحساء سهّـل المهمة كثيراً على الجبريين الذين تجمع بينهم روابط دم قديمة, وإن وجدت اختلافات مذهبية.
وفي قصيدة نبطية لراشد الخلاوي يتحدث فيها عن منيع بن سالم أحد أمراء بني جبر يقول:
فلولا منيع سور هجر وبابها وابنا عقيل عصبةٍ من قرايبه(4)
ونعتقد بأن في عهد بني جبر بدأ نفوذ الشرق بالضعف شيئاً فشيئاً, لكن بقي لهم شوكة قوية حتى وقت قريب جداً كما كانوا يشكلون نفوذا اقتصادياً لا يستهان به.
وفي قصيدة نبطية أخرى تـُخاطب, مجرن بن قضيب أحد أمراء بني جبر, يقول صاحبها:
وان كان تبغي حكم هجر صادق اضرب بحد السيف روس رجالها
اجعل قديمي في محل مقدم واهل الشروقات استعن باموالها(5)
والشروقات كلمة يقصد بها أهالي القرى الشرقية وما زالت متداولة لدى أهالي المبرز حتى يومنا هذا.
والقديمي نسبة لبني قـُديمة وهم القديمات المسمى باسمهم أحد أحياء المبرز كما سيأتي.
هذا والقرى الشرقية بها عوائل كثيرة من أصول بدوية أو حضرية نجدية, والتي توافدت على الأحساء في مراحل
وظروف مختلفة, وكذلك في الهفوف والمبرز عوائل كثيرة من أصول شرقية.
وما ذكرناه عن التوطن البدوي والنجدي في الهفوف والمبرز واختلاف اللهجات لا نعني به اختلاف جذري في الأصول والعادات والتقاليد بل نعني به من الناحية السيسيولوجية أن لكل من هؤلاء كتلة اجتماعية مختلفة عن الأخرى في زمن التأسيس والاستقرار, ولم يحدث بينها اندماج حقيقي في السابق, وإلا لكانت اللهجة قد توحدت أو تقاربت لحد كبير, حسب نظريات علم الاجتماع. وقد كان الوافدون من خارج الأحساء يندمجون في الكتلة التي يحلون بها (مكان إقامتهم الجديد) ويذوبون مع أهاليها في لهجتهم ومذهبهم الديني حتى ولو بعد جيل أو جيلين. علماً بان أماكن عديدة في الأحساء هي مختلطة المذاهب وأهمها مدينة المبرز نفسها. والأمر الوحيد الذي كان يُظهر بعض التباين الطبقي هو عملية المصاهرة فقط لا غير, حيث بقي هذا الأمر يشكل حساسية كبيرة إلى وقت قريب جداً, سواء في المدن أو القرى, وسواء عند السنة أو الشيعة.
الأحياء (الفرجان)
1/ فريق العيوني. اعتبر العبدالقادر أن لهذا الحي ارتباط بالعيونيين أمراء الدولة العيونية في بلاد البحرين. والحقيقة أن ربط هذا الحي بالعيونيين لا نرى ما يدعمه على هذا النحو الجازم. فلقب العيوني يمكن أن يطلق على أي شخص انتقل من منطقة العيون شمال الأحساء, بل حتى أسرة آل إبراهيم التي أسست الدولة العيونية إنما أطلق عليهم العيونيين لأن أجدادهم كانوا يسكنون العيون قبل انتقالهم إلى مدينة الأحساء القديمة في عهد القرامطة, وكان منهم بشر بن مفلح العيوني أحد قادة جيوش القرامطة. وحي العيوني كان يشمل مواقع ذات تسميات قديمة مثل السودان والجحاحفة وغيرهما, ولعل مسمى العيوني شمل هذه المواقع لاحقاً. والجحاحفة هم آل جحّاف بن غفيلة, من عقيل بني عامر أيضاً,
وذكروا عدة مرات في شرح ديوان ابن المقرب, ومن أبياته:
تتلوهم آل جحّـاف وما ولدت أم عجرّش مثل الجرب طلينا
وقوله:
لما أتت أهل القطيف بجحفل متوقد كتوقد النيران
في آل جحّـاف وآل شبانة مثل الأسود بحافتي خفان(6)
وبعض كبار السن مازالوا يعرفون موقع الجحاحفة شمال حي العيوني. أقول ولعل الجحاحفة في الماضي كانت تشمل قلب العيوني والتي بها مسجد الجبري, وقد يكون للجحاحفة في الماضي تجمع سكني في هذا الموقع عرف باسمهم قبل تأسيس المدينة, كما كان ذلك أيضاً في موقع معروف بنفس الاسم في مدينة الهفوف, فاندمجت هذه التجمعات بعناصر هاتين المدينتين. وعن تسمية العيوني فهناك رواية شفوية أخرى سمعناها وكنا قد تطرقنا لها في كتابات سابقة(7), وفي جميع الأحوال تبقى تلك الآراء أو هذه الروايات بحاجة لبحث وتحليل, فنحن هنا لا ننفي أو نثبت شيء.
2/ فريق القـُديمات (الجديمات باللهجة المحلية), والقديمات هم بنو قديمة بن نباتة, أحد بطون عقيل أيضاً ومنهم آل جحاف المذكورين سابقاً. ذكرهم بعض النسابون كالقلقشندي في قلائد الجمان نقلاً عن الحمداني, وذكروا أيضاً عدة مرات في شرح ديوان ابن المقرب. ومما جاء عنهم في شعره قوله:
فكفى لكم بقـُديمة ومُقدّم وعبدلٍ والنكد من حرثان
وبجعفر وبمسلم ومطرّف ويزيد والأحلاف والبدوان(8)
ومقدم هم نفس المذكورين في الأبيات النبطية السابقة, ولكن بعد أن توطنوا واحة الأحساء وأصبحوا من أهاليها, بينما ابن المقرب هنا يتحدث عنهم كبدو كانوا يهاجمون الأحساء آنذاك, وكذلك باقي الأسماء كلها لفروع عقيلية كانت تجول في بوادي المنطقة مع أحلاف لهم من البدو.
3/ فريق المُقابل (المجابل باللهجة المحلية). والبعض اليوم يعتقد بأن التسمية جاءت من المقابلة والتقابل, وهذا ليس صحيح. فالمقابل هي جمع مقبل (مجبل), وآل مقبل هؤلاء هم أيضاً من بني عقيل, والبعض يقول عنهم خوالد. وقد ذكر لنا الأستاذ صالح بن عبدالوهاب الموسى أن لآل مقبل هؤلاء حجج شرعية وأوقاف مازالت تحمل اسمهم حتى اليوم, وقد ذكر ذلك لاحقاً في كتابه "مجد الأجداد"(9).
4/ فريق الشَعَـبة, بفتح العين, وهو غير قرية الشعْبة بسكون العين, حيث هناك من خارج الأحساء من يخلط بينهما عند القراءة. وهذا الحي كان أحد المراكز الصناعية الهامة في الأحساء, ويبدو لي أنه حديث نسبياً حيث أن أجزاء كثيرة منه كانت إلى وقت قريب عبارة عن مزارع وبساتين, كما أن كثير من سكانه أهل الصناعة والحرف اليدوية انتقلوا أساساً من الهفوف أو من أحياء المبرز الأخرى قبل حوالي 200 إلى 250 سنة. لكن في نفس الوقت أخبرني الأستاذ الموسى أيضاً أن هناك حديث عن وجود عائلة كانت تحمل هذا الاسم (الشعَبة) وأن هذا الحي قديم وليس حديثاً كما يُعتقد.
5/ فريق السياسب, والسياسب إسم قبيلة عُـقيلية أيضاً, حسب ما ذكر العبدالقادر, والبعض اعتبرهم من الخوالد. هذا وقد كانت هناك عائلة تحمل هذا الاسم حتى وقت قريب.
6/ فريق العتبان, وهو محل بحثنا وسنتحدث عنه بتفصيل أكثر فيما يأتي. أما بالنسبة لمواقع هذه الأحياء وحدودها فنرى بأن الأستاذ الموسى قد أثرى هذا الجانب في الخارطة التي أرفقها بكتابه "مجد الأجداد", والتي حددت بدقة متناهية حدود هذه الأحياء داخل المبرز وتداخلاتها القديمة مع بعضها قبل وجود الشوارع والطرق الحديثة, فيمكن الرجوع إليها في هذا الشأن لمن يريد مزيداً من الاطلاع.
بقي أن نذكر بأن كل حي من هذه الأحياء كان لها رئيساً عادةً ما يكون من أحد حمائلها البارزة, وكان أحياناً في العهد العثماني يسمى مختار. وقد ترأس المبرز آل حميد الذين حكموا المنطقة كما ذكرنا, إلا أن نجمهم قد أفل بسبب خلافات داخلية مزقتهم, وأزمات سياسية خارجية متلاحقة. ثم تزعم المبرز فرع من آل السعدون شيوخ المنتفق, وهم نفس عائلة السعدون المعروفة اليوم في السياسب. وليس صحيحاً على الإطلاق ما قاله العبدالقادر من أن السعدون هؤلاء هم من قبيلة السياسب التي يحمل الحي اسمها, بل جدهم الذي قدم إلى الأحساء هو سعدون بن عبدالله السعدون الجد الثاني لعبدالله باشا, وهذه المعلومات يعرفها أهالي المبرز بل وسمعت تفاصيلها من أبناء هذه العائلة أنفسهم مثل الحاج عبدالله السعدون عمدة السياسب الحالي والدكتور سعدون السعدون وغيرهم. وهناك العديد من المؤرخين الأجانب والعرب ومنهم سعوديون خلطوا بين آل السعدون هؤلاء وبين آل سعدون بن محمد بن غرير آل حميد. وإضافة لما سبق فقد كان لبعض الحمائل العريقة في المبرز نفوذ سياسي واقتصادي وكلمة مسموعة لدى الأهالي والدولة العثمانية آنذاك, مثل عائلة العفالق والموسى والجبر من السنة, ومن الشيعة الخليفة والبشر والماجد, وغيرهم. وقد نـُشر من الوثائق العثمانية قائمة لرؤساء الأحساء المحليين عام 1318هـ, فكان فيها أن للمبرز عمدتان وهما: عبدالله باشا السعدون والشيخ محمد ابن الشيخ حسين الخليفة(10).
فريج العتبان
أقدم نص تاريخي اطلعت عليه يُذكر فيه حي العتبان, هو لابن غنام في روضة الأفكار,
وكان يتحدث عن أحد غزوات الدولة السعودية الأولى في الأحساء عام 1203هـ,
ومما قاله:
"وشهرت أصوات البنادق رماته وقد كانوا قبل ذلك الوقت والأوان محيطين بفريق العتبان فحينما نهضوا يريدون الأصوات أجاد كثيرا منهم أولئك الرماة فلم يكن لهم سبيل إلى الخروج بل كانوا إلى السطوح في عروج فدافعوا عن الدخول والهجوم فلم يكن للمسلمين عليهم إقدام بعد القدوم".
ثم في حديثه عن التمرد في الأحساء عام 1207هـ,
ذكرعدة أسماء من زعماء تلك الحركة وأماكنهم, وكان من بينهم شخص اسمه مهيني بن عمران من العتبان(11),
ونفسه ذكره بن بشر أيضاً. ثم في أحداث عام 1210هـ
وعند الحديث عن صالح النجار أحد الزعماء الرئيسيين للتمرد, قال بن بشر:
"فلما رأى صالح ابن النجار مساعدة أهل المبرز السياسب أرسل إلى مهوس بن شقير رئيس العتبان وأخذ منهم الأمان فأمّنه وأما الرفـَعة والنعاثل وأهل الشرق فصمموا على أمرهم"(12).
كما ذكر فريق العتبان البريطاني لوريمر (J.G. Lorimer) الذي جمع معلوماته عن الأحساء في عام 1905م, فقال:
"يحتل وسط الواجهة الشمالية للمدينة وبه 400 منزل أغلبها للشيعة ولا يزال يوجد بعض المنازل من العتابية المستقرين ويقال أن الحي أخذ اسمه منهم"(13).
والحقيقة لايمكننا تحديد زمن بداية تكوين الحي على وجه الدقة, لكن يمكننا القول أن تكوينه بدأ قبل حوالي 350 إلى 400 سنة على أبعد تقدير. وكان أول من حل في هذه البقعة هم مجموعة من قبيلة عتيبة التي برزت في القرنين الماضيين في بادية نجد, وهذا أمر كان متداول بين أبناء الحي والمبرز بشكل عام إلا أن أحداً من المؤرخين لم يدوّنه.
وهؤلاء العتبان المؤسسون للحي لم يبق منهم فيه اليوم سوى عائلة واحدة فقط هي عائلة آل مثيني ومنها الحاج سعود بن محمد المثيني العتيبي رحمه الله,
وقد كان من المعمرين حيث توفي في المحرم من عام 1428هـ عن عمر ناهز 120عاماً,
وقد استفدنا منه بمعلومات نادرة. وكذلك أبناؤه الأفاضل الذين لم يقصروا في تزويدي بكل ما لديهم من معلومات ووثائق تتعلق بهم, خاصة أخينا العزيز سلطان.
والقصة كما يرويها آل مثيني هي أن قبيلة العتبان لم تحل في نجد سوى في وقت متأخر وأن موطنها الأصلي كان في الحجاز التي هاجر منها أجداد عتبان الأحساء, وأنهم ينحدرون من آل زحّاف النجدة من الهوارنة من المقطة من برقا عتيبة.
وسبب الهجرة هو خلاف بين شريف مكة في ذلك الوقت وبين أحد شيوخ الهوارنة وهو بن عياش
(والحقيقة لم أتوصل لمعرفة الشريف المذكور لعدم دقة تاريخ الحادثة).
وقد كان بن عياش يجير شخص اسمه غنيم السهلي
وكان غنيم يمتلك كمية من أفضل أنواع الإبل (عمانية),
وكان الشريف قد حاول شراؤها منه أو مقايضته بغيرها إلا أنه لم يقبل, فما كان من الشريف سوى الاستيلاء عليها عنوة وضمها إلى إبله.
فاضطر بن عياش حينها للتدخل في الأمر على عادة العرب في حماية الجار, حيث أن الرجل دخيله والشريف كان يعلم ذلك. فسعى للالتقاء بالشريف للتفاهم معه واسترداد إبل الرجل بأي ثمن إلا أن الشريف لم يتجاوب واستهان به, مما جعل بن عياش يستشيط غضباً من ذلك اللقاء.
وعندها اتخذ مع جماعته قرارهم المصيري حيث هيئوا أنفسهم وشدوا رحالهم استعداداً للرحيل,
ولكن ليس قبل الهجوم ليلاً على أحواش الشريف وأخذ إبل السهلي بل وإبل الشريف نفسه,
ومن تلك الليلة تركوا الحجاز بمن فيها خوفاً من بطش الشريف وشدة انتقامه. فتوجهوا إلى الأحساء التي كانوا يطلقون عليها الهاوية حسب تعبيرهم البدوي في ذلك الوقت لأنها منطقة منخفضة.
ثم ربطتهم علاقات طيبة مع آل حميد وعموم بني خالد الذين كانوا يسيطرون على البادية والأحساء في ذلك الوقت, فأصبحوا يراوحون بين البادية في الشتاء
وبين هذه البقعة في الصيف, والتي أطلق عليها الأهالي اسم العتبان نسبة إليهم.
ثم بدأ منهم البعض بالاستقرار والسكن في حي العيوني في بادئ الأمر (بجوار مسجد رشيد الحالي), إلى أن استقروا لاحقاً هم وحاشيتهم ومواليهم في العتبان فتكون الحي وسكن به العديد من الأسر الأخرى التي أغلبها هو امتداد لأسر في حي العيوني أو السياسب.
ويبدو لي أن حي العتبان كان خارج السور ثم أدخل فيه لاحقاً بعد بناء المنازل.
ومن فروع العتبان التي كانت تسكن الحي حسب ما يرويه آل مثيني فهم آل عياش وهم الشيوخ, وآل عرّه, والجهيم (الصويلح), والمعجوَر, والفريضي, والمحسني, وكل هؤلاء انقرضوا. وآل غريس المعياني
وبقاياهم في الدمام حالياً.
والشهاب يسكنون الهفوف حالياً. والرشود وقد انتقلوا للكويت.
والحويدر انقرضوا,
وقد أطلعوني على صورة
وثيقة عدسانية تخص جد الحويدر هؤلاء وهي مؤرخة بعام 1172هـ حيث يوقف فيها رجل اسمه حويدر بن علي بن زحاف نخل اسمه الغراريف تابع بلاد بن بطال (البطالية حالياً).
ومن غير المقطة سكن معهم من الأساعدة الحيلان آل بليدان وقد انتقلوا للرياض,
والعْريدي ومنهم في الكويت والنعيرية حالياً,
والحداري والطويرش وهؤلاء رحلوا إلى العراق ثم عادوا لاحقاً إلى مغيب السر قرب الطائف
والتحقوا بقبيلتهم هناك,
والردهان والرثيع انقرضوا.
ومن العصمة الطوال والجديع والدهش (الرجلان),
وقد انقرضوا, ومن الدغالبة آل شديّد وآل باطح والملفي والظهران,
وهؤلاء كلهم انقرضوا.
وأما عن انقراض كل هذه الأسر, فقد نقلت ذلك بناء على ما أفادوني به آل مثيني فهم مصدري الوحيد في ذلك,
وبعض هذه الأسماء كانت بالفعل معروفة في الحي حتى
وقت قريب جداً. هذا وقد ذكر العبدالقادر من عوائل حي العتبان آل مثيني وآل شديّد ولم ينسبهما(14).
وكذلك ذكرهما الجاسر ونسبهما إلى قبيلة عتيبة على النحو الذي ذكرناه(15).
ومن عتبان الأحساء من حصل على لقب الباشوية في العهد العثماني
وهو الباشا غديّر بن سلطان بن مثيني. كما كان مدعث بن عايد الغريس من النافذين في المبرز.
ومن العتبان رشيد بن مثيني مؤسس مسجد رشيد في حي العيوني,
وقد ذكر الأستاذ الموسى أن باني هذا المسجد هو رشيد بن محمد الجحاحفة.
والحقيقة يبدو أن في هذا الأمر لبس غير واضح لي بشكل تام, لأن عائلة المثيني يملكون حالياً صورة لوقفية هذا المسجد.
وقد اطلعت عليها وهي بختم قاضي الأحساء الشيخ عبدالرحمن بن عبداللطيف بن نعيم, قال في نهايتها
"وقد نقلتها من المنقول من أصلها وقابلتها وراجعتها حرفاً بحرف من غير زيادة ولا نقص"
وحسب النص فالأصل كان بتاريخ 7/12/1102هـ مع عدد كبير من الشهود,
وقد جاء أن المسجد في محلة
"بليدان"
من المبرز,
واسم صاحب الوقف هو "رشيد ابن مثيني الجحاحفة".
والتفسير الوحيد الذي أملكه لهذا الخلط, هو أن أصل الاسم الزحاحفة وليس الجحاحفة حيث مر علينا أن آل مثيني من فرع اسمه الزحّاف, كتب أيضاً في وثيقة الحويدر المذكورة سابقاً. فالزحاحفة والجحاحفة شديدي التشابه في النطق والكتابة,
والأصل كان بختم أحد قضاة العدساني كما ورد في هذه الوثيقة والعدساني من أهالي الهفوف. فقد يكون الخطأ وقع في الأصل, أو في نقلها الأول, خاصة وأن اسم الجحاحفة كان هو الأكثر انتشاراً كما مر علينا.
الأمر الآخر أن الوقفية حددت موقع المسجد في محلة بليدان,
وقد مر علينا بأن هناك عائلة من الأساعدة كانت تحمل اسم آل بليدان. أما إمام المسجد الذي ترجم له الموسى وقال عنه:
"الشيخ العلامة أحمد بن حسين بن رشيد ولد في مدينة المبرز سنة 1177هـ تقريباً"(16).
فهذا يقول عنه آل مثيني أنه حفيد رشيد بن مثيني باني المسجد واسمه أحمد بن حسن وليس حسين,
وأن ما سمعوه عنه أنه كان من المتعاطفين مع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في بداية ظهورها,
وحدث خلاف بينه وبين الشيخ الفيروز, فترك الأحساء وسكن في نجد وكان من رجال الدعوة فيها.
أما عن رئاسة حي العتبان فقد اشتهر العمدة عبدالرحمن الشهيل
وكان بعد تأسيس المملكة,
وهو لم يكن أساساً من الحي, لكنه سكن فيه.
وممن عرفناه أيضاً وكان في العهد العثماني فهو المختار أحمد بن حسن بن محمد العليوي,
من عائلة العليوي المعروفة في الحي, ولم أطلع على أسماء محددة قبل هذين الشخصين.
أما من ورد ذكره كرئيس لفريق العتبان في نص بن بشر السابق,
وهو مهوس بن شقير فيبدو لي أنه كان معيناً من قبل الأمير سعود بن عبدالعزيز في ذلك الوقت,
وربما يكون من قبيلة عتيبه لكنه بالتأكيد ليس من عتبان الأحساء هؤلاء.
حيث ذكره بن بشر في موضع آخر من ضمن أحداث 1207هـ, فبعد ذكره لمعركة الشيّط مع بني خالد قال:
"ولما بلغ أهل الأحسا خبر هذه الوقعة وقع الرعب في قلوبهم وخافوا خوفاً عظيماً ثم أن سعودا رحل بجنود المسلمين وقصد ناحية الأحسا وأرسل أمامه غنيم أبا العلا من عتيبة ومهوس بن شقير يدعوهم إلى دين الله ورسوله والمبايعة والسمع والطاعة"(17).
وأما مهيني بن عمران المذكور سابقاً فلم أعرفه, ولا أعلم إن كان له علاقة بعائلة المهيني التي تسكن هذا الحي.
وقبل الختام نشير إلى المساجد والتعليم في الحي. فأما المساجد فقد كانت أربعة وهي: مسجد رشود نسبة لجد عائلة الرشود من العتبان,
ومسجد العتبان, ومسجد حطاب, ومسجد مصبّح.
وكان في الحي مدرسة واحدة وهي مدرسة المصري. كما كان في الحي مجموعة من المعلمين والمعلمات الذين يدرسون القرآن الكريم وتجويده (مطوع أو مطوعة) ذكرهم الدكتور الطاهر كالتالي:
الشيخ أحمد بوسهل والسيد أحمد الطاهر (السلمان) والملا محمد البن ضيف (بوابراهيم),
ومن النساء آمنة الناصر وأم أحمد علي المعيان وأم راضي السروج وزهرة علي السلمان وفاطمة أحمد السعيدي وفضة السروج والسيدة مريم السلمان ومريم محمد البراهيم(18).
كما ذكر الأستاذ الموسى زهرة الماجد على أنها من معلمات حي السياسب(19). والحقيقة أن هذه المعلمة تكون جدتي واسمها زهرة بنت علي بن عيسى الماجد وكانت تسكن مع زوجها محمد بن عبدالعزيز النزر –رحمهم الله- في منزلهم بحي العتبان الملاصق لمسجد حطاب القريب من السياسب, وأغلب طالباتها كانوا من السياسب, لذلك وقع اللبس.
وهذا ما أمكننا تقديمه من نبذة عن حي العتبان نرجوا أن نكون قد أفدنا
وأمتعنا بها القارئ والله ولي التوفيق
,,,,,,,,,,,,,,,,,,
من ايميلي
تحياتي لكم
والله اعلم
اول مره اسمعها