المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جميل الذيابي وحزب الله



الـذيابـي
05-12-2008, 02:11 PM
http://www.alarabiya.net/files/image/large_54427_49707.jpg

جميل الذيابي


(حزب الله وذكرى طالبان)

حماس» تختطف غزة. «حزب الله» يختطف بيروت. مقتدى الصدر يهدد العراق. تنظيم «القاعدة» يهدد العالم أجمع. ميليشيات وحركات «مؤدلجة» ومتطرفة تقهر شعوباً وتُسقط حكومات.

أعتقد أنه ليس هناك فرق بين ما فعلت «طالبان» في أفغانستان في التسعينات، وما فعله «حزب الله» في لبنان سوى البُعد المكاني والفارق الزمني.

المواقف الدولية متباينة ومعظمها «باهت». المتهم الأول إيران التي لم تُبقِ لها صديقاً «حقيقياً» سوى من يعمل على شاكلتها ويخشى نياتها وتمدد نفوذها.

لست بصدد الحديث عن «القاعدة» أو «حماس» أو ميليشيات الصدر، كون الموقف في لبنان يتطلب تحليل انقلاب «حزب الله» على بلاده وشعبه، عبر استخدام السلاح والقوة والتهديد بقطع أيادي معارضيه.

يقال إن ورقة التوت الأخيرة سقطت عن «حزب الله»، بعد ان انكشفت وتكشَّفت نيات السيد حسن نصرالله وأجندته الإيرانية.

سورية تبرز أسناناً يقال إنها بيضاء تضحك بوجود حليف جديد إسمه قطر، مصرِّحة بأن ما يحدث في لبنان «شأن داخلي»، فيما «حزب الله» يثبّت أعلام سورية وصور رئيسها على سطوح البنايات والمؤسسات وفي شوارع محترقة وطرقات مغلقة بأفعال «انقلابية» على الوطن والمواطن.

«حزب الله» يحوِّل بيوت بيروت إلى خراب، وشوارعها إلى مرتع للميليشيات المدجَّجة بالأسلحة. «حزب الله» يهيئ بيروت لتكون حلبة لتصفية حسابات تحقق مصالح دول يهمه أمرها، بعيداً عن المصالح اللبنانية.

أخيراً افتضح أمر «حزب الله» ورمى القناع «الايديولوجي» الذي أخفى وراءه سنين طويلة من الابتزاز. قناع وراءه وجه إيراني - سوري. سقطت مبررات الحزب وما يسميه «المقاومة» ضد العدو، وظهر أن عدو الحزب هو في الداخل اللبناني، بعد ان نكَّل بالبلاد والعباد، وأراد لهم الثبور والحبور وتقطيع الثغور.

أجزم بأن الوقت مناسب لوضع آلية لنزع سلاح «حزب الله» وفق ما تقتضيه قرارات الأمم المتحدة 1559 و1701، خصوصاً بعدما وجَّه سلاحه إلى الداخل اللبناني، وانقلب على الحكومة والشعب، وبدأ في مهمة تصفية حساباته مع أبناء شعبه، واحتلال المرافق والمؤسسات الوطنية واختطاف عاصمة بلاده عنوة.

أخيراً ظهر ان ادعاءات السيد نصرالله بأن سياسة حزبه تحقق غاية دولة لبنان القوية المستقلة الحرة لم تكن في محلها، وكذلك قوله ان قوته هي لأجل حماية لبنان من عدو خارجي لا داخلي. هل هذا لبنان المحتل تحت السلاح الذي يريده نصرالله ويبشر به، بعد ان اختطف عاصمته وأسكت الإعلام وأغلق المدارس والجامعات؟ ألم يدع نصرالله بأن فوهات سلاحه لن توجّه إلى الداخل، بل ستبقى موجّهة إلى العدو الإسرائيلي؟ هل تحوّل لبنان إلى عدو لحزبه؟ أليس ما فعله نصرالله من بث للرعب واختطاف البلاد، مبرراً شرعياً للآخرين للدفاع عن أنفسهم وتمهيداً لاندلاع حرب أهلية، الخاسر الأول فيها سيكون «حزب الله» والشعب اللبناني كله؟

«حزب الله» يخسر. أعلن العصيان المدني وخسر. أحرق الطرقات وأغلق المطار ويخسر. حمل السلاح في الداخل وأغلق المنازل على أصحابها... ويخسر. لماذا يخسر؟ لأن العالم منح الحزب فرصة لنزع سلاحه وعتاده وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تدعو إلى حل أي سلاح «ميليشوي» خارج عن الدولة والقانون.

ما تفعله «ميليشيا» حسن نصرالله هو ما سيحوِّل لبنان إلى عراق آخر، وهو ما سيجعل الأمن والاستقرار يهربان من شوارع بيروت، وهو ما سيشرِّع الأبواب أمام تكاثر حلفاء «القاعدة» و «فتح الإسلام» وغيرهما.

المعارضة في لبنان بقيادة «حزب الله» أشبه بتيار داخلي يرتبط بمصالح دول لها أجندتها واستراتيجيتها، وتجعل من الشعب اللبناني «كبش فداء» يلفت نظر العالم لما تفعله وتمارسه تلك الدول، وبالتالي فإن دوائر النزاع في المنطقة تتسع حتى ينشغل العالم عن الأجندة الخاصة بتلك الدول ووقوفها ضد الشرعية الدولية.

لبنان على مشارف مرحلة اضطرابات جديدة ومهدَّد بحرب أهلية وطائفية تلوح في الأفق القريب جداً. مواقع جهادية على شبكة الانترنت أطلقت دعوات لنصرة السنة في لبنان ضد ما سموه «ثورة» الشيعة و «انقلاب» «حزب الله».

مسببات الحرب الأهلية تسري بين الشعب اللبناني وطوائفه المختلفة، بعد ان جلب مبرراتها «حزب الله». تصريحات المسؤولين في الداخل اللبناني لا تبشِّر بانفراج قريب حتى لو هدأت الأمور موقتاً، خصوصاً ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري يصمت أمام ممارسات تهدد الحكومة والشعب.

لبنان في حاجة ماسة إلى تشكيل قوة حماية عربية أو دولية، لتحقيق الأمن والاستقرار وفرض سيطرة الدولة على كامل مؤسساتها وقراراتها. لبنان بحاجة إلى الدعم لبناء دولة قوية قادرة على حماية الشعب ومؤسساته الحكومية والأهلية. لبنان بحاجة إلى موقف يعيد السلطة إلى الحكومة، ويقف في وجه الممارسات السورية والإيرانية.

* نقلا عن صحيفة "الحياة" اللندنية