ابو عثمان
01-09-2008, 10:45 AM
جمال سلطان
من العسير على عقلي المتواضع أن يتصور أن الشيخ محمد سيد طنطاوي قد انتفض في مضجعه هلعا وحزنا بعد سماعه عن مقتل بي ناظير بوتو ، ومن الصعب على فهمي استيعاب أن الشيخ طنطاوي كان يدرك أن بوتو صاحبة أفضال على الإسلام والمسلمين في بلادها أو العالم ، وبالتالي خرج على الناس صبيحة اليوم التالي لمقتلها ليعلن لهم أن بي ناظير بوتو ماتت شهيدة ، البيان الرسمي الذي أصدره الشيخ طنطاوي جاء فيه ما نصه "إن الأزهر الشريف يحتسب السيدة المناضلة الشهيدة بنظير بوتو التي عرفت بحبها لدينها ولإسلامها، وأدعو الله تعالى أن يتغمدها برحمته ورضوانه مع الشهداء" ، ومثل هذا الأسلوب غريب على لغة الأزهر وعلماء الدين أصلا ، ومن الصعب تصور أن الأزهر يتحدث عن "النضال" ، وفي الغالب أن البيان أملي إملاءا من مكاتب أخرى ، بي ناظير ذهبت ضحية صراع سياسي كما أنها كانت ضالعة في تصفية التيار الإسلامي في باكستان بالتنسيق مع الاستخبارات الأمريكية ، كما أنها سبق اتهامها من القضاء الباكستاني بالفساد المالي ونهب المال العام ، وكان زوجها قد تحول إلى رمز لحيتان الفساد في البلاد ، كما أن أسوأ السنوات التي مرت على باكستان اقتصاديا وسياسيا كانت فترات توليها رئاسة الوزراء ، كما أنها حتى النفس الأخير كانت تمثل قمة التطرف في الولاء للولايات المتحدة الأمريكية وأجندتها في باكستان وأفغانستان تحديدا بدون أي اعتبار لأجندة إسلامية أو مصالح الإسلام والمسلمين ، فكيف خرج شيخ الأزهر ليزف لنا بشرى أنها "شهيدة" هكذا بإطلاق ، ناهيك عن وصف "المناضلة" وهو مضحك عندما يصدر عن عمامة الأزهر ، وكيف تمطع الشيخ محمود عاشور صاحب الرحلات الخارجية الغامضة لكي يقول بأنه لا يستطيع أحد أن يحدد الشهادة لأحد؛ لأن الشهادة درجة يحددها الله ، ثم يختم كلامه بعد ذلك بقوله : يجوز أن تكون بوتو شهيدة ! ، ثم تتمطع الدكتورة سعاد صالح لتقول بأن بوتو شهيدة دنيا ، لأنها ماتت وهي تدافع عن مصالح بلادها ، ما هذا التهريج باسم الدين ، وما تلك الفوضى التي تشيعها بين الناس المؤسسة الدينية الرسمية ، المصيبة فجرها بالأساس بيان شيخ الأزهر ، والذي صدر بطلب سياسي مباشر ، لأنه لا يعقل أن يكون هناك أي احتمال آخر ، وأنا مندهش من تدافع رجالات المؤسسة الدينية الرسمية في توزيع وثائق الشهادة على الخلق ومحوها عن آخرين ، بصورة توحي فعلا بأن هذا استلهام للكهنوت المسيحي في أوربا القرون المظلمة ، حيث تحول الأمر إلى بيع لصكوك المغفرة والجنة ، قبل عدة أسابيع ثار جدل واسع حول تصريحات المفتي حول الغرقى البائسين من الشباب المهاجر بحثا عن فرصة عمل وماتوا أمام سواحل إيطاليا ، فاعتبر المفتي أنهم ليسوا شهداء ، لأنهم طماعون وكانوا قد "تبطروا" على النعم الوفيرة التي وفرتها لهم حكومة الحزب الوطني ، وكفروا بها ، وسافروا بحثا عن الملايين ، وقد حاول المفتي بعدها أن يخفف من وطأة كلامه ، حتى فوجئنا ببيان شيخ الأزهر الذي يمنح بي ناظير بوتو لقب "الشهيد" ، وهو اللقب الذي لم يصدر ـ على حد علمي ـ حتى الآن عن أي شخصية دينية محترمة في بلادها هي نفسها ، صحيح أنها قتلت غدرا ، وصحيح أن قتلها جريمة سياسية صريحة ، وصحيح أن الإدانة واجبة خلقا وشرعا لتلك الجريمة ، ولكن هذا كله شيئ ، وإهانة أشرف وأقدس وصف إسلامي يمكن إضفاؤه على بشر بعد الأنبياء ، وهو وصف "الشهيد" ، بمثل هذا الاستسهال والاستباحة والهوان ، شيئ آخر ، كما أن تنامي ضغوط السلطة على المؤسسة الدينية الرسمية وابتزازها في كل نازلة أو حادثة على النحو الحادث هنا هو بكل تأكيد دعم للفوضى الدينية وإسقاط لهيبة علمائها وفتح الطريق أمام آخرين من خارجها ليحظوا بثقة الناس فيهم كمرجعية دينية بديلة مؤتمنة ، ثم نسأل بعد ذلك ببراءة كاذبة :
لماذا يظهر التطرف ؟
ولماذا يسيئ الناس الظن "بعلماء السلطة" ! .
منقول من الساحات العربيه
من العسير على عقلي المتواضع أن يتصور أن الشيخ محمد سيد طنطاوي قد انتفض في مضجعه هلعا وحزنا بعد سماعه عن مقتل بي ناظير بوتو ، ومن الصعب على فهمي استيعاب أن الشيخ طنطاوي كان يدرك أن بوتو صاحبة أفضال على الإسلام والمسلمين في بلادها أو العالم ، وبالتالي خرج على الناس صبيحة اليوم التالي لمقتلها ليعلن لهم أن بي ناظير بوتو ماتت شهيدة ، البيان الرسمي الذي أصدره الشيخ طنطاوي جاء فيه ما نصه "إن الأزهر الشريف يحتسب السيدة المناضلة الشهيدة بنظير بوتو التي عرفت بحبها لدينها ولإسلامها، وأدعو الله تعالى أن يتغمدها برحمته ورضوانه مع الشهداء" ، ومثل هذا الأسلوب غريب على لغة الأزهر وعلماء الدين أصلا ، ومن الصعب تصور أن الأزهر يتحدث عن "النضال" ، وفي الغالب أن البيان أملي إملاءا من مكاتب أخرى ، بي ناظير ذهبت ضحية صراع سياسي كما أنها كانت ضالعة في تصفية التيار الإسلامي في باكستان بالتنسيق مع الاستخبارات الأمريكية ، كما أنها سبق اتهامها من القضاء الباكستاني بالفساد المالي ونهب المال العام ، وكان زوجها قد تحول إلى رمز لحيتان الفساد في البلاد ، كما أن أسوأ السنوات التي مرت على باكستان اقتصاديا وسياسيا كانت فترات توليها رئاسة الوزراء ، كما أنها حتى النفس الأخير كانت تمثل قمة التطرف في الولاء للولايات المتحدة الأمريكية وأجندتها في باكستان وأفغانستان تحديدا بدون أي اعتبار لأجندة إسلامية أو مصالح الإسلام والمسلمين ، فكيف خرج شيخ الأزهر ليزف لنا بشرى أنها "شهيدة" هكذا بإطلاق ، ناهيك عن وصف "المناضلة" وهو مضحك عندما يصدر عن عمامة الأزهر ، وكيف تمطع الشيخ محمود عاشور صاحب الرحلات الخارجية الغامضة لكي يقول بأنه لا يستطيع أحد أن يحدد الشهادة لأحد؛ لأن الشهادة درجة يحددها الله ، ثم يختم كلامه بعد ذلك بقوله : يجوز أن تكون بوتو شهيدة ! ، ثم تتمطع الدكتورة سعاد صالح لتقول بأن بوتو شهيدة دنيا ، لأنها ماتت وهي تدافع عن مصالح بلادها ، ما هذا التهريج باسم الدين ، وما تلك الفوضى التي تشيعها بين الناس المؤسسة الدينية الرسمية ، المصيبة فجرها بالأساس بيان شيخ الأزهر ، والذي صدر بطلب سياسي مباشر ، لأنه لا يعقل أن يكون هناك أي احتمال آخر ، وأنا مندهش من تدافع رجالات المؤسسة الدينية الرسمية في توزيع وثائق الشهادة على الخلق ومحوها عن آخرين ، بصورة توحي فعلا بأن هذا استلهام للكهنوت المسيحي في أوربا القرون المظلمة ، حيث تحول الأمر إلى بيع لصكوك المغفرة والجنة ، قبل عدة أسابيع ثار جدل واسع حول تصريحات المفتي حول الغرقى البائسين من الشباب المهاجر بحثا عن فرصة عمل وماتوا أمام سواحل إيطاليا ، فاعتبر المفتي أنهم ليسوا شهداء ، لأنهم طماعون وكانوا قد "تبطروا" على النعم الوفيرة التي وفرتها لهم حكومة الحزب الوطني ، وكفروا بها ، وسافروا بحثا عن الملايين ، وقد حاول المفتي بعدها أن يخفف من وطأة كلامه ، حتى فوجئنا ببيان شيخ الأزهر الذي يمنح بي ناظير بوتو لقب "الشهيد" ، وهو اللقب الذي لم يصدر ـ على حد علمي ـ حتى الآن عن أي شخصية دينية محترمة في بلادها هي نفسها ، صحيح أنها قتلت غدرا ، وصحيح أن قتلها جريمة سياسية صريحة ، وصحيح أن الإدانة واجبة خلقا وشرعا لتلك الجريمة ، ولكن هذا كله شيئ ، وإهانة أشرف وأقدس وصف إسلامي يمكن إضفاؤه على بشر بعد الأنبياء ، وهو وصف "الشهيد" ، بمثل هذا الاستسهال والاستباحة والهوان ، شيئ آخر ، كما أن تنامي ضغوط السلطة على المؤسسة الدينية الرسمية وابتزازها في كل نازلة أو حادثة على النحو الحادث هنا هو بكل تأكيد دعم للفوضى الدينية وإسقاط لهيبة علمائها وفتح الطريق أمام آخرين من خارجها ليحظوا بثقة الناس فيهم كمرجعية دينية بديلة مؤتمنة ، ثم نسأل بعد ذلك ببراءة كاذبة :
لماذا يظهر التطرف ؟
ولماذا يسيئ الناس الظن "بعلماء السلطة" ! .
منقول من الساحات العربيه